مقتل الامام اميرالمومنين علي بن ابي طالب (ع)

اشارة

سرشناسه : ابن ابي الدنيا، عبدالله بن محمد، 208 - 281ق.

محمودي، محمدباقر، 1303 - 1385.

عنوان و نام پديدآور : ... مقتل الامام اميرالمومنين علي بن ابي طالب/ تاليف ابي بكر عبدالله بن محمدبن عبيد المعروف بابن ابي الدنيا؛ تحقيق محمدباقر المحمودي.

مشخصات نشر : تهران: وزارت الثقافه و الارشاد الاسلامي، موسسه الطبع و النشر؛ قم: مجمع احياء الثقافه الاسلاميه ، 1411ق. = 1990م = 1369ش.

مشخصات ظاهري : 123ص.

شابك : 800 ريال

وضعيت فهرست نويسي : برون سپاري.

يادداشت : بالاي عنوان: من نفائس التراث الاسلامي في القرن الثالث.

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس

عنوان ديگر : من نفائس التراث الاسلامي في القرن الثالث.

موضوع : علي بن ابي طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40 ق.

شناسه افزوده : سازمان چاپ و انتشارات وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامي

رده بندي كنگره : BP37/الف 2م 7

رده بندي ديويي : 297/951

شماره كتابشناسي ملي : م 69-2437

مقدّمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

في بيان ترجمة موجزة للمؤلّف و راوي كتاب مقتل أمير المؤمنين عنه و في إشارة إجمالية إلى ما منيت به تأليفات ابن أبي الدنيا عامّة و كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام خاصّة فنقول:

أمّا راوي هذا الكتاب عن مؤلّفه فهو الحافظ الحسين بن صفوان البرذعي المتوفّى سنة: (340).

و الرجل قد وثّقه الخطيب في ترجمته تحت الرقم: (4119) من تاريخ بغداد:

ج 8 ص 54 قال:

الحسين بن صفوان بن إسحاق بن إبراهيم أبو عليّ البرذعي سمع محمد بن الفرج الأزرق و محمد بن شدّاد المسمعي و أبا العبّاس البرتي و جعفر بن أبي عثمان الطيالسي و طبقتهم.

و روى عن أبي بكر [عبد اللّه بن محمد] ابن أبي الدنيا مصنّفاته.

حدّث عنه محمد بن عبد اللّه بن أخي ميمي و أبو عبد اللّه ابن دوست.

و حدّثنا عنه أبو الحسين ابن بشران و كان صدوقا.

حدّثني عبيد اللّه بن أبي الفتح

عن طلحة بن محمد بن جعفر أنّ الحسين بن صفوان البرذعي مات في سنة أربعين و ثلاث مائة.

و ذكر أبو الحسن بن الفرات- فيما قرأت بخطّه- أنّه مات في عشيّ يوم السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من شعبان و دفن يوم الأحد.

و قال الذهبي في ذيل الرقم: (822) من كتاب تذكرة الحفّاظ: ج 3 ص 855:

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:12

و فيها [أي في السنة: (340) مات راوي تصانيف ابن أبي الدنيا أبو عليّ الحسين بن صفوان البرذعي.

و أمّا المؤلّف فهو عبد اللّه بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس أبو بكر القرشي المولود سنة: (208) و المتوفّي سنة: (281).

و قد عقد له ترجمة جماعة كثيرة في كتبهم و لكن نكتفي هاهنا بما أورده الحافظ ابن حجر في كتاب تهذيب التهذيب: ج 6 ص 12، قال:

عبد اللّه بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي الأموي مولاهم أبو بكر ابن أبي الدنيا البغدادي الحافظ صاحب التصانيف المشهورة و مؤدّب أولاد الخلفاء.

روى عن أبيه «1» و أحمد بن إبراهيم الموصلي و أحمد بن أبي إبراهيم الدورقي و عليّ بن الجعد و إبراهيم بن المنذر الحزامي و خلف بن هشام البزّار و زهير بن حرب و عبد اللّه بن عون الخراز و سريج بن يونس و سعيد بن سليمان الواسطي و كامل بن طلحة الجحدري و منصور بن أبي مزاحم و أبي عبيد القاسم بن سلام و أبي الأحوص محمد بن حيّان البغوي و محمد بن سعد كاتب الواقدي و داوود بن رشيد و الحسن بن حمّاد سجّادة و البخاري و أبي داوود السجستاني و خلق كثير.

روى عنه ابن ماجة [القزويني] في [كتاب] التفسير و

إبراهيم بن الجنيد و هو من أقرانه و الحارث بن أبي أسامة و هو من شيوخه و عبد الرحمن بن أبي حاتم و أبو علي ابن خزيمة و أبو العباس ابن عقدة و عبد بن إسماعيل بن بريه الهاشمي و أبو بشر الدولابي و محمد بن خلف و وكيع و أبو جعفر بن البختري و أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي خلف و أبو سهل ابن زياد القطّان و محمد بن يحيى بن سليمان المروزي و أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري و أبو علي الحسين بن صفوان البرذعى و أبو الحسن أحمد ابن محمد بن عمر النيسابوري و علي بن الفرج بن أبي روح العكبري و أبو بكر النّجاد و أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي و جماعة.

______________________________

(1) و قد ذكره أيضا الخطيب البغدادي في ترجمة والد المصنّف محمد بن عبيد تحت الرقم:

«878» من تاريخ بغداد: ج 2 ص 370 قال:

[و روى] عنه ابنه أبو بكر أحاديث مستقيمة ...

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:13

قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي و سئل أبي عنه فقال: صدوق.

و قال صالح بن محمد: صدوق و كان يختلف معنا إلا أنّه كان يسمع من انسان يقال له: محمد بن إسحاق بلخي و كان يضع للكلام إسنادا و كان كذّابا روى أحاديث من ذات نفسه مناكير.

و قال إبراهيم الحربي: رحم اللّه ابن أبي الدنيا كنّا نمضي إلى عفّان نسمع منه فنرى ابن أبي الدنيا جالسا مع محمد بن الحسين البرجلاني يكتب عنه و يدع عفّان.

و قال إسماعيل بن إسحاق القاضي: رحم اللّه أبا بكر مات معه علم كثير.

قال ابن المنادي و غيره: مات سنة

إحدى و ثمانين و مائتين في جمادى الأول.

[و] قال الخطيب [في ترجمته من تاريخ بغداد: ج 10، ص 89]: و بلغني أنّ مولده سنة: (208).

و من أراد المزيد فعليه بما أورده الخطيب في ترجمته تحت الرقم: (5209) من تاريخ بغداد: ج 10، ص 89 و ما أورده الذهبي في ترجمة الرجل تحت الرقم: (699) من كتاب تذكرة الحفّاظ: ج 1، ص 677.

و ليلاحظ أيضا ما أورده في ترجمته صاحب عبقات الانوار في حديث الثقلين منه: ج 1، ص 202 ط أصبهان.

ثمّ إنّ كلّ ألمعيّ منصف يراجع تصانيف ابن أبي الدنيا أو بلغه قدر وافر مما أودعه ابن أبي الدنيا في كتبه يتجلّى له أنّ الرجل من نوادر الشخصيّات في القرون السالفة من حيث سعة المعلومات و جنوحه إلى الحقائق و تدوينها في الوثائق و من جهة بخوعه إلى المعنوية على الرغم من كونه من موالي بني أميّة و انخراطه في تأديب أولاد أمراء بني العبّاس مع وضوح توغّل هذين الصنفين على الاغلب في الشهوات و الإعراض عن المعنويات فترى الرجل مع أنّه من مؤدّبي أولاد الخلفاء و يعيش في هوامش مائدتهم لا يقتصر في أخذ المعلومات على خصوص الحريزيين بل يأخذ المعلومات عن كلّ موثوق و لو لم يكن على نزعته.

و تراه يكثر في تأليفاته من درج أحاديث أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:14

السلام مع كفّ الحريزيين عنه أو تقليلهم من ذكر الرواية عن أمير المؤمنين!

و تراه يؤلّف كتاب الزهد و كتاب اليقين و كتاب القناعة و كتاب الصبر و كتاب الفرج بعد الشدّة و كتاب ذمّ الملاهي و ... و مع أنّه جليس أولاد المترفين و أنيس طغاة

العبّاسيين و عديد في موالي الأمويين و أكثر هؤلاء كانوا معرضين عن هذه الأمور متمركزين على اللهو و التغنّي و أصناف الفسق و الفجور.

و ترى الرجل يفرد بالتأليف مقتل الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام و مقتل ريحانة رسول اللّه الإمام الحسين عليه السلام «1»؛ و الأمويون و العبّاسيّون خلفا عن سلف كانوا مهتمّين على إخفاء هذه الأمور و صرف الناس عن التنبّه لها سترا لعدوان من سنّ لهم ظلم أهل البيت و اغتصاب حقوقهم و خوفا من تراجع الناس إلي الحقّ و قيامهم على قمع الظالمين و اجتثاث عروق الغاصبين الذين أسّسوا دعائم الظلم و الجور و عدلوا بالناس عن الصراط المستقيم.

و مما ذكر و عشرات من أمثاله ينكشف أنّ الرجل منصف و له عناية بالحقّ و الحقيقة و بما أنّ أكثر الناس في جميع الطبقات و الأعصار ذوو حميّات طائفيّة و نزعات جاهليّة غير معتنين بالمنصفين و يكون إقبالهم و معاضدتهم مقصورة على العلماء الذين يكونون على نزعة الجهّال و الأميّين و يعدّون من دعاة أمراء الجور و الظالمين من أجل هذه الأمور يصبح المنصف بين المجتمع غريبا و نبوغه و معاليه مهجورا و منسيّا.

و هذا هو السرّ في انزواء كتب ابن أبي الدنيا عن الانتشار و الظهور بين المجتمع مع احتوائها بالحقائق و اشتمالها علي النوادر و اللطائف الّتي لا تستغني عنها الحضارة الإنسانية بل هي في حاجة ملحّة إليها.

و مع هذا فإنّ أكثر كتب هذا الرجل العظيم لا تزال مخطوطة و مغفولا عنها و ما فيها من المطالب المزيّفة التي تكون من اللوازم العادية لتأليف إنسان غير معصوم لا يكون- و لا ينبغي أن يكون- من موجبات اختفاء

هذه الكتب إذ مثلها مثل جميع اللباب الدنيوية الملفوفة بالقشور أو الثمار المقترنة بالأشواك أو الحبوب النافعة المختلطة

______________________________

(1) و الكتاب كان موجودا عند ابن الجوزي و أدرج أحاديث في كتابه: «الرّدّ على المتعصّب العنيد» ص 35 ط بيروت. ول نعلم بعد ذلك أين استقرّ به النّوى!

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:15

بالضارّة منها التي لا يمكن الاستفادة منها- أو يقلّ الانتفاع بها- بلا تصفية و تجزئة و هكذا شأن الكتب فببركة التعليق و إلقاء ضوء العلم على مطالبها أو تجريد حقائقها و تهذيبها عن الأباطيل ينتفع من الحقائق الموجودة فيها و يتجنّب الدخائل و الدسائس المذكورة فيها.

مع أنّه لو كانت هذه الأمور من علل اختفاء هذه الكتب و عدم انتشارها كان ينبغي أن لا ينشر كتاب غير كتب الوحي أو ما اقتبسه معصوم منها و من البديهي أنّه ليس الأمر كذلك لأنّا نرى كتبا كثيرة منشورة أباطيلها أضعاف ما في كتب ابن أبي الدنيا فإذا علّة انزواء هذه الكتب و عدم نشرها بين المجتمع شي ء آخر.

و من جملة عظام كتب ابن أبي الدنيا و فخام تأليفاته التي تشتمل على حقائق كثيرة مع صغر الحجم و قلّة الأحاديث هو كتاب مقتل الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام و قد وجدنا قبل عشرين سنة من هذا التاريخ نسخة من هذا الدرّاثمين منقوصة الأوّل ضمن مجموعة مرقمة برقم: (95) في المكتبة الظاهرية في الورق: 232/ أ/ منها و يليه في المجموعة كتاب التوكّل علي اللّه من تأليف ابن أبي الدنيا أيضا فكتبته بيدي و لكن بسبب نقصه تريّثنا عن نشره ترقبا للحصول على نسخة كاملة منه و بعد مضيّ مدّة طويلة على عدم عثورنا على النسخة

الكاملة استخرنا اللّه تعالى و بادرنا إلي نشر النسخة الموجودة بعد تحقيقها و التعليق عليها سباقا علي الحوادث و تحفّظا على حقائقها و إنّي أرجو من ألطاف اللّه تعالي أن يوفّقنى لنشر النسخة الكاملة من الكتاب خاصّة و السعي وراء نشر المعارف عامّة فإنّه قريب من راجيه و مجيب دعوة داعيه.

و ليعلم أنّه قد أفرد أيضا جماعة مقتل أمير المؤمنين عليه السلام بالتأليف و لكن لاضطهاد المحقّين و شوكة المبطلين و الظالمين قد ذهبت تلك التصانيف عن صفحة الوجود و ربّما بعضها لا يزال موجودا تحت الأنقاض و في خبايا و زوايا المكاتب كاملا أو منقوصا و لكن لم تلمسه يد حميم و لا خطر في بال أليف و لا خلد أنيس كي يفكّر في إحيائه أو يهتمّ في إنقاذه من التلف و يجعله في متناول الطالبين و الباحثين عن الحقّ و الحقيقة.

و لنذكر نموذجا منها ممّا اطّلعنا عليه عفويّا في أثناء بحثنا عن غيره

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:16

و التحقيق عن أمور أخر فنقول:

أوّل من علمنا بأنّه أفرد مقتل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بقيد التأليف هو الأصبغ بن نباتة الحنظلي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الحاضر بالكوفة عند وقوع الفاجعة العظمى استشهاد الإمام أمير المؤمنين بسيف أشقى الآخرين أجمعين ابن ملجم.

و الأصبغ هذا كان من شرطة الخميس و من خواصّ أصحاب عليّ عليه السلام و قد كان دخل على أمير المؤمنين بعد ما ضربه اللعين ابن ملجم و سأل منه أسئلة و تكلّم معه تكلّم الخليل مع حليله عند الوداع و الفراق و حمل منه أسرارا.

و هو مترجم في فهرس النجاشي و الطوسي و رجال الطوسي و تهذيب التهذيب و غيرها.

الثاني ممن

علمنا بأنّه قد أفرد بالتأليف مقتل الإمام امير المؤمنين عليه السلام هو أبو عبد اللّه جابر بن يزيد الجعفي من أصحاب الإمام محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام المتوفّى سنة: «128» المترجم في كتاب تهذيب التهذيب: ج 2 ص 47 و قد ترجمه غيره أيضا.

الثالث ممّن أفرد بالتأليف مقتل أمير المؤمنين هو المؤرّخ الشهير و الأخباري الوثيق الخبير أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي المتوفّى قبل العام «170» الهجري كما في ترجمته من كتاب لسان الميزان: ج 4 ص 492.

الرابع ممّن اطّلعنا على إفراده بالذكر و التأليف مقتل أمير المؤمنين عليه السلام هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفّى سنة: «206» صاحب التأليفات الكثيرة النافعة البالغ عددها مأتي تاليف.

الخامس ممن ألّف مستقلا مقتل أمير المؤمنين عليه السلام هو أبو عبد اللّه محمد بن زكريّا بن دينار الغلّابي البصري المتوفّى بعد العام «280» كما في ترجمته من كتاب لسان الميزان: ج 5 ص 168، و كما في فهرس النجاشي.

السادس ممن أفرد بالتأليف مقتل أمير المؤمنين عليه السلام هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي رحمه اللّه صاحب الكتب القيّمة المتوفّي سنة: «283» المترجم في فهرس النجاشي و الطوسي و كتاب أخبار أصبهان و غيرها و قد أورد أحاديث من

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:17

هذا الكتاب السيّد ابن طاوس في كتابه فرحة الغريّ عن نسخة كتبت سنة:

«355».

السابع ممن أفرد بالتصنيف مقتل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام هو غياث بن إبراهيم التميمي الأسدي البصري من ساكني الكوفة كما في فهرس الشيخ الطوسي.

الثامن ممن أفرد بالتأليف مقتل أمير المؤمنين عليه السلام هو عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي المتوفّى سنة: «332».

هذا مما اطّلعنا عليه

عفويّا من غير بذل الجهود عليه استقلالا في من ألّف و أفرد مقتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

و أمّا ما ألّفه العلماء المتأخّرون بعد القرن الرابع إلى عصرنا هذا فكثير جدّا و على وسع الباحثين و المثقّفين البحث عن ذلك و لا سيّما ما كتبه القدماء ثمّ العناية بتحقيقه ثمّ نشره فإنّ في ذلك رضى الرحمن و تعضيد أهداف أوليائه و قد أشار شيخنا الرازي رفع اللّه مقامه في عنوان «مقتل» من كتابه القيّم الذريعة: ج 22 ص 30 و ما حولها إلى بعض ما صنّف في ذلك.

هذا نبذ مما أردنا و أحببنا ذكره في هذه المقدّمة و آخر دعوانا: أن الحمد للّه ربّ العالمين.

محمّد باقر المحمودي

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:19

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ذكر سبب شهادة الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم اللّه وجهه]

«1» من الواضحات الأوّليّة لكلّ متحنّك في فنّ التاريخ أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب قد استهدف للقتل مرارا و صار هدفا للشهادة في طول حياته لا سيّما ليلة هجرة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من داره و إيوائه إلى الغار ثمّ إلى المدينة الطيّبة.

و بعد ليلة المبيت و خروج عليّ مع الفواطم إلى النبيّ قد تأكّدت عزيمة جمع من الكفّار على قتله عند ما لحقوه بالطريق. و قالوا له: ارجع بالنسوة و حالوا بينه و بين النسوة كي يرجعوهنّ فشدّ عليهم و قتل أحدهم و هو يقول:

خلوا سبيل الجاهد المجاهدآليت لا أعبد غير الواحد ثمّ بعد حرب بدر و قتل عليّ عليه السلام بيده قريبا من نصف القتلى في ذلك اليوم من صناديد الكفّار تقوّت و تأكّدت عزائم الكفّار على قتله أكثر فأكثر.

ثمّ في حرب «أحد» لمّا فرّ المسلمون إلّا عدد قليل منهم

و واسا عليّ عليه السلام النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بنفسه و فرّق الكفّار المحدقين بالنبيّ و قتل رؤساءهم اشتدّت نوايا الكفّار و عزمهم على قتل عليّ بآكد ما يتصوّر فكان يغري بعضهم بعضا على قتله و الفتك به كما يدلّ على ذلك ما رواه جماعة عن أسيد بن أبي إياس أنّه كان يحضّ المشركين على قتله و ينشد:

هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ذبحا و قتلة قعصة لم يذبح

______________________________

(1) من هنا إلى الحديث رقم واحد الآتي، صفحات زيادة منّا، لترميم النّقص الموجود في النسخة.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:20 أفناكم قعصا و ضربا يفتري بالسيف يعمل حدّه لم يصفح

أعطوه خرجا و اتقوا بمضيعةفعل الذليل و بيعة لم تربح و هكذا كان يزداد بغض الكفّار لعليّ و همّهم على قتله يوما بعد يوم و كلّما يتجدّد للنبيّ غزو و لعليّ نكاية في الكفّار كان يزداد حقدهم و همّهم في اغتيال عليّ و الفتك به فكانوا مراقبين لعليّ من الداخل و الخارج.

و كان الأمر على هذا المنهاج في طول أيّام الخلفاء كما تكشف عن ذلك أبيات أمير المؤمنين عليه السلام المعروفة المستفيضة:

تلكم قريش تمنّاني لتقتلني فلا و ربك ما برّوا و لا ظفروا

فإن بقيت فرهن ذمّتي لهم بذات روقين لا يعفو لها أثر «1» ثمّ بعد انقضاء أيّام الخلفاء و مبايعة النّاس أمير المؤمنين على الخلافة قد أضاء الصبح لكلّ ذي عين بأنّ كثيرا من المسلمين قد مكروا به و عزموا على قتله فجمعوا الحشود و أعدّوا لقتله العدّة و العدّة بعد ما بايعوه طوعا و رغبة و هؤلاء هم الناكثون.

ثمّ تلاهم القاسطون و هم معاوية و أهل الشام و من شايعهم على قتال عليّ عليه السلام.

و

عند محاربة القاسطين عليّا زيدت في مناوئي عليّ فرقة ثالثة و هم المارقون الخوارج و هؤلاء أكثرهم كانوا من عبّاد أهل الكوفة و البصرة و من قرّاء القرآن و لكن لم يكونوا علي بصيرة في علم القرآن و كان غاية جهدهم الإكثار من تلاوة القرآن و المداومة على الأذكار و الأوراد و كانوا مع عليّ عليه السلام مجدّين في قتال أعدائه و لكن عند ما رفع معاوية و جنده المصاحف على الرماح- مكرا و خديعة- في صباح ليلة الهرير و دعوا عليّا و عسكره إلى تحكيم القرآن و الرضا و التسليم لحكم القرآن و أبى عليهم عليّ عليه السلام لعلمه بأن القوم لا يريدون حكم القرآن بحسب الواقع و إنمّا لجئوا إلى ذلك لينجوا من المهلكة

______________________________

(1) و أنظر الحديث الاخير من الجزء (16) من أمالي الطوسي. و رواه بعضهم «بذات ودقين».

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:21

فعند ذلك أصرّ هؤلاء الحمقى على عليّ كي يقبل هذه الدعوي و يصالح معاوية على تحكيم القرآن و هدّدوا عليّا على رفضه ذلك بالقتل أو تسليمه إلى معاوية أو الانفراج عنه كي يقتله أهل الشام.

و من أجل إصرار هؤلاء الجهّال على نزعتهم حدث اختلاف شديد و تضارب في الرأي في جند الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حتّى كادوا أن يتقاتلوا.

و من أجل ذلك اضطرّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى قبول الصلح و تحكيم القرآن تحت شروط و قيود تبطل خديعة معاوية و مكره فكتبوا كتاب الصلح و أمضاه رؤساء الفريقين و وقّعوا عليه فعند ذلك انتبه المغفّلون من القرّاء بأنّهم خدعوا فيما أصرّوا عليه أوّلا فجاءوا إلى عليّ و ألحّوا عليه أن يعود إلى محاربة معاوية فأبى عليهم عليّ

عليه السلام و قال لهم: ويلكم إنّ اللّه أمر بالوفاء بالعهد مع المشركين فكيف ينقض عهده مع هؤلاء و هم مسلمون؟! و قال لهم جهارا: إنّه لا يرجع عن عهده مع الناكثين إلّا أن يخونوا هم العهد أو تنتهي مدّة المعاهدة من غير وفاق على حكم القرآن.

فحينئذ كفّره الخوارج و كفّروا كلّ من رضي بتحكيم القرآن و لم يتب منه و فارقه بعضهم في نفس المعركة.

و لمّا انفصل أمير المؤمنين من معركة صفّين راجعا إلى الكوفة لم يدخلوا معه الكوفة و عسكروا بموضع يقال له: الحروراء و عزموا على أن يدعوا عليّا مجدّدا إلى الرجوع عن العهد و نقضه كي يذهبوا معه ثانيا إلى حرب معاوية و إلّا سيحاربونه و يقتلونه.

و جرى بين أمير المؤمنين و بينهم رسل و رسائل و محاجّات كثيرة في خلالها رجع بعضهم عن نزعته و وقف آخرون متردّدين و بقي أكثرهم علي لجاجهم و عنادهم و سعوا في الأرض بالفساد و قتلوا الأبرياء و أهلكوا الحرث و النسل و نابذوا عليّا بالحرب و خرجوا إلى موضع يقال له: النهروان معلنين الحرب.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:22

فخرج إليهم عليّ عليه السلام بالجنود و احتجّ عليهم و خطبهم و طلب منهم الرجوع إليه كي يذهب بهم إلى حرب معاوية من أجل أنّ الحكمين لم يتّفقا و خانا ما أخذ عليهما من الحكم بالقرآن و التجنّب عن متابعة الهوى.

فلم يلتفت الخوارج إلى احتجاج عليّ و شدّوا على أصحابه و قتلوا منهم أفرادا.

فعند ذلك ثبّت أمير المؤمنين أصحابه و حرّضهم على قتال الخوارج و بشّرهم بما وعد اللّه تعالي لمن يقتل هؤلاء الأشقياء و أخبرهم بأنّه لا يقتل منهم إلّا دون عشرة و أنّه

لا ينجوا من الخوارج إلّا دون عشرة «1»

ثمّ شدّ عليه السلام بأصحابه على المارقين فقضوا عليهم عدا من فرّ منهم من المعركة و هم دون العشرة وعدا المجروحين منهم فإنّه عليه السلام دفعهم إلى عشائرهم كي يداووهم.

و بعد وقعة النهروان و القضاء على رءوس الخوارج خمدت شوكتهم فعندئذ غيّر الباقون من الخوارج و من على نزعتهم مجرى المناوئة و عزموا على الفتك و الاغتيال.

فها نحن نذكر بعض ما جرى على أمير المؤمنين عليه السلام من ناحية

______________________________

(1) كما ذكره أبو عمر ابن عبد البرّ في أوائل ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الإستيعاب بهامش الإصابة: ج 3 ص 55 قال:

ثمّ خرجت عليه الخوارج و كفّروه و كلّ من كان معه إذ رضي بالتحكيم بينه و بين أهل الشام و قالوا له: حكّمت الرجال في دين اللّه و اللّه تعالى يقول: «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ»* ثمّ اجتمعوا و شقّوا عصا المسلمين و نصبوا راية الخلاف و سفكوا الدماء و قطعوا السبل.

فخرج إليهم [أمير المؤمنين] بمن معه ورام مراجعتهم فأبوا إلّا القتال فقاتلهم بالنهروان و استأصل جمهورهم و لم ينج إلّا اليسير منهم.

فانتدب له من بقاياهم عبد الرحمن بن ملجم قيل: السكوني و قيل: الحميري.

قال الزبير: تجوب رجل من حمير كان أصاب دما في قومه فلجأ إلى مراد فقال لهم: جئت إليكم أجوب البلاد. فقيل له: أنت تجوب. فسمّي به فهو اليوم في مراد و هم رهط عبد الرحمن بن ملجم المرادي ثمّ التجوبي و أصله من حمير و لم يختلفوا أنّه حليف لمراد و عداده فيهم و كان فاتكا ملعونا ...

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:23

الخوارج قبيل شهادته و نسوق كيفية إقدام أشقى البرية ابن ملجم

على اغتياله و الفتك به برواية ابن سعد صاحب الطبقات الكبرى.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:25

[مؤامرة أشقى البريّة و الخلق ابن ملجم و أشقّاءه على اغتيال أمير المؤمنين عليه السلام و رئيسي القاسطين]

[قال ابن سعد «1»: قالوا: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج [و هم] عبد الرحمن بن ملجم المرادي- و هو من حمير و عداده في مراد و هو حليف بني جبلة من كندة- و البرك بن عبد اللّه التميمي و عمرو بن بكير التميمى فاجتمعوا بمكّة و تعاهدوا و تعاقدوا ليقتلنّ هؤلاء الثلاثة: عليّ بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و يريحنّ العباد منهم فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا لكم بعليّ بن أبي طالب. و قال البرك: أنا لكم بمعاوية. و قال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص.

فتعاهدوا على ذلك و تعاقدوا و تواثقوا [على أن] لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سمّي [له] و يتوجّه إليه حتّى يقتله أو يموت دونه.

فاتّعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من شهر رمضان «2» ثمّ توجّه كلّ رجل منهم إلي المصر الذي فيه صاحبه.

فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد و كان يزورهم و يزورونه فزار يوما نفرا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها: قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل

______________________________

(1) ذكره ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين في الطبقة الأولى من طبقات البدريين من كتاب الطبقات الكبرى ج 3 ص 35- 38.

(2) كذا ذكره ابن سعد و غير واحد من اهل السّنّة، و المعروف في أخبار شيعة اهل البيت (ع) هو الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:26

بن تيم الرباب- و كان عليّ

قتل أباها و أخاها يوم النهروان- فأعجبته فخطبها فقالت: لا أتزوّجك حتّى تسمّي لي. فقال: لا تسأليني شيئا إلّا أعطيتك.

فقالت: ثلاثة آلاف و قتل عليّ بن أبي طالب. فقال: و اللّه ما جاء بي إلى هذا المصر إلّا قتل عليّ بن أبي طالب و قد آتيناك ما سألت.

و لقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد و دعاه إلى أن يكون معه فأجابه إلى ذلك.

و بات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليّا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتّى كاد أن يطلع الفجر فقال له الأشعث: فضحك الصبح فقم.

فقام عبد الرحمن بن ملجم و شبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثمّ جاءا حتّى جلسا مقابل السدّة التي يخرج منها عليّ.

1- [حدّث زيد بن عليّ عن عبيد اللّه بن موسى قال: حدّثنا الحسن بن كثير عن أبيه قال: خرج] «1» عليّ إلى صلاة الفجر فاستقبله الوزّ يصحن في وجهه فجعلنا نطردهنّ عنه فقال: دعوهنّ فإنّهنّ نوائح.

______________________________

(1) كذا في النسخة المنقوصة الأوّل الموجودة في المجموعة: (9) من مخطوطات المكتبة الظاهرية في الورق 232/ أ/ منها، و من بآية الكتاب إلى قوله: «عليّ» هاهنا قد سقط عن هذه النسخة.

و الوز و الإوزّ- على زنة حبّ و خدبّ-: البطّ.

ثمّ إنّا مع الفحص البليغ عن هذه الدرّة اليتيمة لم نطّلع على وجود نسخة كاملة منها في دار الوجود و لم ينكشف لنا مقدار ما سقط من النسخة التي بأيدينا- و إن أظنّ أنّ الساقط من نسختنا هذه ورقة أو ورقتان-. و ما وضعناه بين المعقوفين مأخوذ ممّا رواه ابن الأثير في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب

أسد الغابة: ج 4 ص 35 ط 1 و لأجل الإيضاح نسوق حديثه حرفيّا قال:

أنبأنا أبو أحمد عبد الوهّاب بن عليّ الأمين و غير واحد إجازة قالوا: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان أنبأنا أبو الفضل بن خيرون و أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني كلاهما إجازة قالا: أنبأنا أبو عليّ بن شاذان قال: قرئ على أبي محمد الحسن بن محمد بن يحي بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب قال: حدّثنا جدّي أبو الحسين يحيى بن الحسن حدّثنا سعيد بن نوح حدّثنا أبو نعيم الفضل بن-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:27

2- حدثنا الحسين حدثنا عبد اللّه حدثنا محمّد بن عمرو بن الحكم حدثنا الضحّاك بن شهر «1» حدّثنا خارجة عن حصين عن هلال بن يساف قال:

______________________________

- دكين حدّثنا عبد الجبّار بن العبّاس:

عن عثمان بن المغيرة قال: لمّا دخل شهر رمضان جعل عليّ يتعشى ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد اللّه بن جعفر لا يزيد [في إفطاره] على ثلاث لقم و يقول: يأتي أمر اللّه و أنا خميص و إنّما هي ليلة أو ليلتان.

قال: و أنبأنا جدّي [قال:] حدّثنا زيد بن عليّ عن عبيد اللّه بن موسى [قال:] حدّثنا الحسن بن كثير عن أبيه قال: خرج عليّ لصلاة الفجر فاستقبله الوزّ ...

ثمّ قال ابن الأثير: و هذا يدلّ على أنّه عليه السلام علم السنة و الشهر و الليلة و الساعة التي يقتل فيها.

أقول: و رواه أيضا ابن الأثير في تاريخ الكامل عند ذكره وفاة أمير المؤمنين عليه السلام.

و رواه أيضا المسعودي عند بيانه مقتل

أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب مروج الذهب: ج 2 ص 413 ط بيروت قال:

و قيل: إنّ عليّا لم ينم تلك الليلة و أنّه لم يزل يمشي بين الباب و الحجرة و هو يقول: و اللّه ما كذبت و لا كذبت و إنّها الليلة التي وعدت فيها.

فلمّا خرج صاح بطّ كان للصبيان فصاح بهنّ بعض من في الدار فقال عليّ: ويحك دعهنّ فإنّهنّ نوائح.

و رواه أيضا رشيد الدين ابن شهرآشوب في كتاب المناقب.

و للحديث مصادر أخر و قد رواه أيضا اليعقوبي في سيرة أمير المؤمنين من تاريخه: ج 2 ص 202 قال:

و خرج عليّ [عليه السلام] في الغلس فتبعته إوزّ كنّ في الدار فتعلّقن بثوبه فقال عليه السلام:

صوائح تتبعها نوائح.

و ذكره أيضا ابن كثير في آخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام قبيل عنوان: «خلافة الحسن بن عليّ ...» من تاريخ البداية و النهاية: ج 8 ص 13 ط دار الفكر قال:

فلمّا خرج [عليّ] إلى المسجد صرخ إوزّ في وجهه فسكّتوهنّ عنه فقال: ذروهنّ فإنّهنّ نوائح.

و رواه أيضا الحافظ أبو بكر البيهقي قال: روينا بإسناد ثابت أنّ عليّا رضي اللّه عنه خرج الصلاة الفجر فأقبل الوزّ يصحن في وجهه فطردوهنّ عنه فقال [عليه السلام]: دعوهنّ فإنّهنّ نوائح.

هكذا رواه عنه الباعوني في الباب: (5) من كتاب جواهر المطالب الورق:/ 93/ ب/.

(1) كذا في ظاهر رسم الخطّ من أصلي و لم أجد بهذه الخصوصية ترجمة له و لعلّه مصحّف عن «الضحّاك بن حمرة» من رجال الترمذي المترجم في كتاب تهذيب التهذيب: ج 4 ص 443.

و أمّا تلميذ الرجل محمد بن عمرو بن الحكم فقد ذكره الخطيب و وثّقه تحت الرقم: (1146) من تاريخ بغداد:

ج 3 ص 127.

و روا

أيضا أبو بكر القطيعي كما في الحديث: «67» من باب فضائل عليّ عليه السلام من كتاب الفضائل-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:28

كان عليّ بن أبي طالب يخرج قبل صلاة الفجر فيقول: الصلاة الصلاة فبينا هو كذلك إذ ابتدره رجلان فضربه أحدهما ضربة بالسيف و ذهب فاتبعه ابن النبّاح فلمّا خرج من المسجد كرّ عليه بالسيف فسبقه ابن النبّاح راجعا و أخذ الآخر فقالوا: ما نرى به بأسا. فقال [ابن ملجم]: لقد سقيته السمّ شهرين و لو قسمتها بين العرب لأفنتهم.

و جعل النساء يبكين عليه و جعل آخرون يقولون: ليس عليه بأس.

فقال ابن ملجم- لعنه اللّه- أ فعليّ تبكون؟.

3- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا عبيد اللّه بن موسى قال: أخبرنا الحسن بن دينار:

عن الحسن [البصري] قال: سهر عليّ عليه السلام في تلك الليلة فقال:

إنّي مقتول لو قد أصبحت «1».

قال: فجاء مؤذّنه [يؤذّنه] بالصلاة فقام فمشى قليلا ثمّ رجع فقالت له ابنته: مر جعدة يصلّي بالناس. [ف] قال: لا مفرّ من الأجل.

______________________________

- ص 41، ط قم قال:

حدّثنا عبد اللّه بن محمد البغوي قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال: حدّثنا عفيف بن سالم الموصلي قال: حدّثنا الحسن بن كثير عن أبيه- قال: و كان قد أدرك عليّا- قال: خرج علي [صلاة] الفجر فأقبلت الوزّ يصحن في وجهه فطردوهنّ عنه فقال: ذروهنّ فإنّهنّ نوائح. فضربه ابن ملجم فقلت: يا أمير المؤمنين خلّ بيننا و بين مراد فلا تقوم لهم راعية و لا راغية أبدا. قال: لا و لكن احبسوا الرجل فإن أنا متّ فاقتلوه و إن أعش فالجروح قصاص.

و روا المحبّ الطبري نقلا عن أحمد في المناقب كما في فضائل عليّ عليه السلام

من كتاب الرياض النضرة:

ج 2 ص 323.

و رواه أيضا الحافظ عيسى بن عليّ الوزير «عن عبد اللّه بن محمد البغوي ...» كما رواه بسنده عنه الحافظ ابن عساكر تحت الرقم: «1414» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 358 ط 2.

(1) هذا الحديث أيضا دالّ على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يعلم زمان شهادته.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:29

ثمّ قام فخرج فمرّ على صاحبه و قد سهر ليله ينتظره و قد غلبته عينه فضربه برجله و قال: الصلاة. فقام فلما رأى عليّا ضربه «2».

قال الحسن: إذا علم [أمير المؤمنين عليه السلام] هذا

4- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي حدّثنا عليّ بن أبي فاطمة الغنوي قال:

حدّثني شيخ من بني حنظلة قال: لمّا كانت الليلة الّتي أصيب فيها عليّ رحمه اللّه أتاه ابن النبّاح حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة و هو مضطجع متثاقل فقال [في] الثانية يؤذنه بالصلاة [كذا] فسكت فجاءه الثالثة فقام عليّ يمشي بين/ 121/ ب/ الحسن و الحسين و هو يقول:

شدّ حيازيمك للموت فإن الموت أتاك

و لا تجزع من الموت إذا حلّ بواديك فلمّا بلغ باب الصغير قال لهما: مكانكما و دخل فشدّ عليه عبد الرحمن بن ملجم فضربه فخرجت أمّ كلثوم بنت عليّ فجعلت تقول: ما لي و لصلاة الغداة؟ قتل زوجي أمير المؤمنين صلاة الغداة و قتل أبي صلاة الغداة «1».

______________________________

(1) و ليلاحظ ما يأتي تحت الرقم «5- 6».

4- و الحديث رواه الحافظ ابن عساكر بسنده عن ابن أبي الدنيا تحت الرقم: «1415» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 358 ط 2

و فيه: «علي بن فاطمة العنزي [قال:] حدّثني الأصبغ الحنظلي ...».

و قريبا منه جدّا- أو عينه- رواه الباعوني عن ابن أبي الدنيا في الباب: «57» من كتاب جواهر المطالب الورق:/ 96/ أ/ قال:

قال ابن أبي الدنيا: حدثني جدّي [قال: حدثنا] عبد اللّه بن يونس حدّثني الأصبغ الحنظلي [كذا] قال: لمّا كانت الليلة التي أصيب بها عليّ ...

(2) و بما ان الحديث ضعيف من جهات و لا يصحّ تصديق ما يتضمّنه بلا قرينة قطعيّة فلا يغترّ أحد بهذا الذيل فلعلّه من إضافات يونس بن بكير الذي كان مرجئا و كان يتبع السلطان و رماه بعضهم بالزندقة كما في ترجمته من كتاب تهذيب التهذيب: ج 11، ص 435.

و أيضا عليّ بن أبي فاطمة و شيخه الواقعان في سلسلة السند مجهولان.

و أيضا عبد اللّه بن يونس بن بكير ما وجدنا أحدا وثّقه نعم ذكروه في ترجمة أبيه أنّه يروي-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:30

5- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد قال: حدثني رجل من النخع عن صالح بن ميثم عن عمران بن ميثم عن أبيه [قال]:

إنّ عليّا خرج [إلى صلاة الصبح] فكبّر في الصلاة ثمّ قرأ من سورة الأنبياء إحدى عشرة آية ثمّ ضربه ابن ملجم من الصفّ على قرنه فشدّ عليه الناس و أخذوه و انتزعوا السيف من يده و هم قيام في الصلاة و ركع عليّ ثمّ سجد فنظرت إليه ينقل رأسه من الدم إذا سجد من مكان إلى مكان ثمّ قام في الثانية فقلب [كذا] فخفّف القراءة ثمّ جلس فتشهّد ثمّ سلّم و أسند ظهره إلى حائط المسجد.

6- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي عن

هشام بن محمّد قال: حدّثني عمر بن عبد الرحمن بن نفيع بن جعدة بن هبيرة:

أنّه لمّا ضرب ابن ملجم عليّا عليه السلام و هو في الصلاة تأخر فدفع في ظهر جعدة بن هبيرة فصلّى بالناس ثمّ قال عليّ: عليّ بالرجل. فأتي [به] فقال [له]: أي عدوّ اللّه أ لم أحسن إليك و أصنع و أصنع؟/ 233/ أ/ قال: بلى. قال:

[ف] ما حملك علي ما صنعت؟ قال: شحذت سيفي أربعين يوما ثمّ دعوت اللّه أن أقتل به شرّ خلقه؟ فقال عليّ: ما أراك إلّا مقتولا به و ما أراك إلّا شرّ خلقه. فقتل ابن ملجم بذاك السيف «1».

______________________________

- عنه ابنه عبد اللّه و هذا لا يكون توثيقا.

و لو فرضنا أنّ شيخ عليّ بن أبي فاطمة هو الأصبغ بن نباتة فهو أيضا لا يفيدهم شيئا لأنّ الأصبغ غير موثوق عندهم و عدّوه رافضيّا بغيضا.

و على فرض كون ابن أبي فاطمة هو عليّ بن حزوّر فهو أيضا كالأصبغ ضعيف بل بغيض عند القوم.

(1) و روى الطوسي في الحديث: «18» من الجزء الثالث من أماليه أنّه ضرب عليه السلام و هو ساجد في الصلاة.

و روى المتّقي الهندي في الحديث: «497» من باب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب كنز العمال: ج 15، ص 170، ط 2 أنّه ضرب عليه السلام حين رفع رأسه من الركعة.-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:31

7- حدّثنا الحسين قال: حدّثنا عبد اللّه قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثنا عبد اللّه بن سعيد عن زياد بن عبد اللّه عن المجالد بن سعيد قال:

جاء ابن بجرة الأشجعي و ابن ملجم معهما سيفان فجلسا بالباب فلمّا خرج عليّ رضي اللّه عنه نادى بالصلاة و ابتدره

الرجلان فضرباه فأخطأ أحدهما فأصاب [سيفه] الحائط و أصاب [سيف] الآخر و خرجا هاربين فخرج ابن بجرة من ناحية كندة و خرج ابن ملجم من ناحية السوق فأدرك فأخذ فأتي به عليا رضي اللّه عنه فقال: احبسوه.

8- حدّثنا الحسين بن صفوان البرذعي قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي الدنيا قال: حدّثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدّثنا عبد اللّه بن سعيد عن زياد بن عبد اللّه عن عوانة بن الحكم [قال]:

إنّ ثلاثة تبايعوا على قتل عليّ و معاوية و عمرو بن العاص فخرج [واحد

______________________________

- و روى في الحديث: «63» من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الفضائل- تأليف أحمد بن حنبل- ص 38 ط قم قال:

حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثنا أحمد بن منصور قال: حدّثنا يحيى بن بكير المصري قال:

حدّثني الليث بن سعد أنّ عبد الرحمن بن ملجم ضرب عليّا في صلاة الصبح على دهش بسيف كان سمّه بالسمّ و مات من يومه و دفن بالكوفة.

و رواه أيضا الحافظ ابن عساكر بسنده عن عبد اللّه بن محمد البغوي في الحديث: «1418» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 361 ط 2.

و ما في ذيل هذا الحديث من كتاب الفضائل من أنّ أمير المؤمنين عليه السلام توفّي من يوم الضربة مردود بصريح الأخبار الكثيرة الواردة في المقام من الفريقين و باتّفاق المسلمين على أنّه عليه السلام بقي بعد ما ضرب يومين و توفّي في الليلة الثالثة من الضربة.

و قال أبو عمر في أواخر ترجمة أمير المؤمنين من كتاب الإستيعاب بهامش الإصابة: ج 3 ص 59 قال:

و قد اختلف في صفة أخذ ابن ملجم فلمّا أخذ قال عليّ رضي اللّه عنه:

أحبسوه فإن متّ فاقتلوه و لا تمثّلوا به و إن لم أمت فالأمر إليّ في العفو أو القصاص.

و اختلفوا أيضا هل ضربه في الصلاة أو قبل الدخول فيها و هل استخلف من أتمّ بهم الصلاة أو هو أتمّها! و الأكثر [على] أنّه استخلف جعدة بن هبيرة فصلّى بهم تلك الصلاة.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:32

منهم إلى عمرو بن العاص و آخر إلى معاوية يقال له: البرك رجل من بني تميم من بني سعد ثمّ من بني صريم و آخر إلى عليّ و هو ابن ملجم.

فجاء ابن ملجم إلى الكوفة فخطب قطام و كانت من بني التيم و كانت ترى رأي المحكّمة فقالت: لا و اللّه لا أتزوّجك إلّا على ثلاثة آلاف و قتل عليّ فأعطاها ذلك و بنى بها.

9- حدّثنا/ 233 ب/ الحسين بن صفوان البرذعي قال: حدثنا سعيد بن يحيى قال: حدّثنا عبد اللّه بن سعيد الأموي عن زياد بن عبد اللّه البكائي عن عوانة بن الحكم الكلبي قال: فحدّثني مزاحم بن زفر التيمي عن وجيه [قال]:

إنّ ابن ملجم كان يجلس في قومه من صلاة الغداة إلى ارتفاع النهار و القوم يهضبون «1» و هو لا يتكلّم بكلمة و بلغني أنّه كان يوما جالسا في السوق متقلّدا السيف فمرّت به جنازة فيها المسلمون و القسّيسون فقال: ويلكم ما هذا؟

قالوا: [هذا نعش] أبجر بن حجّار العجلي و ابنه سيّد بكر بن وائل فاتبعه المسلمون لمكان ابنه و تبعه النصارى لنصرانيّته. فقال ابن ملجم: أما و اللّه لو لا أنّي أستبقي نفسي لأمر هو أعظم من هذا أجرا عند اللّه لاستعرضتهم بالسيف «2».

10- حدّثنا الحسين قال: حدثنا عبد اللّه قال: حدّثنا سعيد بن يحيى قال: حدثنا

عبد اللّه بن سعيد قال: حدثنا زياد بن عبد اللّه:

عن عوانة [بن الحكم] أنّ قطام قالت لابن ملجم: قد فرغت فأفرغ فخرج ابن ملجم حتّى أتى المسجد و ضربت قطام قبّتها في المسجد و ألبسته

______________________________

(1) يقال: هضب في الحديث هضبا- على زنة ضرب و بابها-: أفاضوا فيه و ارتفعت أصواتهم و اهضبوا يا قوم: تكلّموا.

(2) و رواه أيضا البلاذري في الحديث: «527» من ترجمة أمير المؤمنين من كتاب أنساب الأشراف:

ج 1، ص 433 من المخطوطة و في ط 1 ج 2 ص 494 عن أبي مسعود الكوفي و غيره عن عوانة بن ...

و رواه أيضا الطبري في تاريخه: ج 5 ص 145 ط الحديث ببيروت.

و رواه الطبراني بسند آخر في ترجمة الإمام أمير المؤمنين من كتاب المعجم الكبير: ج 1،/ الورق 11/ ب/.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:33

السلاح و خرج عليّ يقول: الصلاة الصلاة أيّها الناس فضربه ابن ملجم على جبهته بالسيف فأصاب [السيف] الحائط فثلم فيه ثمّ ألقى السيف/ 234/ أ/ و قال للناس: اتّقوا السيف فإنّه مسموم- و زعموا أنّه كان سمّه شهرا- و أخذ ابن ملجم و دخل عليّ منزله.

11- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد قال: حدّثني رجل من النخع عن صالح بن ميثم قال:

بينا عليّ بن أبي طالب- قبل تلك الليلة بليلتين- يوقظ الناس [الصلاة] الفجر إذ أتاه ابن ملجم بصحيفة ملفوفة يدعوه فيها [إلى التوبة] أو ينابذه ففتحها عليّ فلم يستبن ما فيها فأمسكها حتّى صلّى ثم فتحها فإذا فيها: أدعوك إلي التوبة من الشرك [أ] و أنابذك على سواء إنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين «1».

فقال عليّ: من صاحب هذه

الصحيفة؟ فلم يكلّمه أحد فبصق فيها فمحاها ثمّ رمى بها و قال: عليه لعنة اللّه.

12- حدّثنا الحسين بن صفوان البرذعي حدثنا عبد اللّه قال: حدثنا أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد أنّ أبا عبد اللّه الجعفي حدّثهم عن جابر:

عن أبي جعفر محمد بن عليّ بن [ال] حسين قال: لمّا أراد اللّه تبارك و تعالى إكرام عليّ بهلاك ابن ملجم ظلّ ابن ملجم في مسجد لبني أسد حتّى إذا جنّه الليل صار إلى دار من دور كندة و قبل ذلك بجمعة قام عليّ على المنبر فقال: إنّه قضى فيما قضى على لسان النبيّ الأمّي عليه السلام [أنّه قال: «يا عليّ] لا يبغضك مؤمن و لا يحبّك كافر» «2» و قد خاب من حمل إثما و افترى.

______________________________

(1) اقتبسه اللعين من الآية (58) من سورة الأنفال.

(2) و الحديث من أثبت الآثار الواردة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و له أسانيد كثيرة صحيحة و مصادر جمّة يجد الباحث كثيرا منها فيما علّقناه على الحديث: «100» من كتاب خصائص أمير المؤمنين عليه السلام تأليف الحافظ النسائي ص 187، و فيما ذكرناه أيضا في تعليق الحديث: «682» و ما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 190- 211 ط 2.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:34

أما إنّي رأيت في ليلتي هذه في منامي أنّ شيطانا ضربني ضربة [على رأسي] فخضب لحيتي من رأسي بدم عبيط فما ساءني ذلك.

[و رأيت رسول اللّه في منامي هذا فشكوت إليه ما صنعت بي أمّته فقال:] «و اعلمنّ يا عليّ أنّك مقتول إن شاء اللّه» فما ذا ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من هذا؟! ثمّ

أمرّ [عليه السلام] يده اليمنى على لحيته ثمّ على رأسه ثمّ نزل عن المنبر.

«1»

فلمّا كانت الليلة الّتي أصيب فيها [و] خرج يريد صلاة العشاء تصايحت الوزّ حوله فقال: يشهر صوائحا و نساء نوائحا «2».

______________________________

(1) بين قوله: «ثمّ» و «نزل» في أصلي بياض بقدر كلمتين أو أقلّ و لكن الظاهر من السياق عدم سقوط شي ء.

و روى أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في فضائل عليّ عليه السلام من كتاب الآحاد و المثاني الورق/ 15/ ب/ قال:

حدّثنا الحسن بن عليّ حدّثنا الهيثم بن الأشعث حدّثنا أبو حنيفة اليمامي:

عن عمير بن عبد الملك قال: خطبنا عليّ رضي اللّه عنه على منبر الكوفة فأخذ بلحيته ثمّ قال: متى يبعث أشقاها حتّى يخضب هذه من هذه.

و قد روى قبله بأسانيد أنّ أشقى الآخرين هو قاتل عليّ عليه السلام.

و رواهما أيضا بأسانيد الحافظ الحسكاني في تفسير سورة «و الشمس» في كتاب شواهد التنزيل: ج 2 ص 335- 343 ط 1.

و ممّا يناسب ذيل الحديث ما رواه الحافظ ابن عساكر في الحديث: «1396» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 346 ط 2 قال:

كتب إليّ أبو الغنائم محمد بن محمد بن أحمد- و حدّثني أبو الحجّاج يوسف بن مكّي بن يوسف عنه- أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن هارون الآجري أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري أنبأنا أحمد بن الوليد العجام أنبأنا الوليد بن صالح أنبأنا أبو ليلى الخراساني عن أبي جرير:

عن سعيد بن المسيّب قال: رأيت عليّا على المنبر و هو يقول: لتخضبنّ هذه من هذه- و أشار بيده إلى لحيته و جبينه- فما يحبس

أشقاها!.

قال: [سعيد]: فقلت: لقد ادّعى عليّ علم الغيب فلمّا قتل علمت أنّه قد كان عهد إليه.

(2) كذا في أصلي غير أنّ كلمة «يشهر» غير واضحة.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:35

قال: و تجنّبه الفاسق حتى إذا كانت الساعة التي يخرج فيها أقبل [ابن ملجم] حتّى قام في جنح الباب «1» و خرج أمير المؤمنين [إلى الصلاة] فضربه [ابن ملجم] ضربة.

[و كان] محمّد بن الحنفيّة قريبا منه «2» فأخذه و وثب الناس على ابن ملجم ليقتلوه فقال لهم عليّ: مهلا لا يهاجنّ [الرجل] ما بقيت فإن عشت اقتصصت من الرجل أو وهبت للّه و إن متّ فالنفس بالنفس.

______________________________

(1) الجنح- بكسر الجيم و سكون النون-: الجانب. الناحية. الكنف.

(2) و قريبا منه رواه الطبري في أواخر سيرة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخه ج 5 ص 146، قال:

و ذكر أنّ محمد بن الحنفيّة قال: كنت و اللّه لأصلّي الليلة التي ضرب فيها عليّ في المسجد الأعظم في رجال كثير من أهل المصر يصلّون قريبا من السدّة ما هم إلّا قيام و ركوع و سجود ما يسأمون من أوّل الليل إلى آخره إذ خرج عليّ لصلاة لغداة فجعل ينادي أيّها الناس الصّلاة الصّلاة. فما أدري أخرج من السدّة فتكلّم بهذه الكلمات أم لا فنظرت إلى بريق [سيف] و سمعت [قائلا يقول:] «الحكم للّه يا عليّ لا لك و لا لأصحابك» فرأيت سيفا ثمّ رأيت ثانيا ثمّ سمعت عليّا يقول:

لا يفوتنّكم الرجل. فشدّ الناس عليه من كل جانب. قال: فلم أبرح حتّى أخذ ابن ملجم و أدخل على عليّ، فدخلت فيمن دخل من الناس فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس إن أنا متّ فاقتلوه كما قتلني و إن بقيت رأيت فيه رأيي.

و

سياق وسط الحديث و ذيله يدلّ على أنّ ذاكر القصّة غير محمد ابن الحنفيّة ابن أمير المؤمنين بخلاف صدر الحديث فإنّ في جميع ما رأيناها من النسخ «محمد ابن الحنفية» و لم أعهد أحدا غير ابن أمير المؤمنين مكنّى بابن الحنفية.

و القصّة ذكرها أيضا الخوارزمي في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام و في الفصل: «26» من مناقبه ص 277 ط الغري و فيه: «محمد بن حنيف» و لم أجد لمحمد بن حنيف ترجمة.

و رواها أيضا أبو الفرج المرواني و لكن ذكر بدل محمد ابن الحنفية أو محمد بن حنيف ذكر بدلهما عبد اللّه بن محمد الأزدي كما في أواسط مقتل أمير المؤمنين من كتاب مقاتل الطالبيين ص 34 قال:

قال أبو مخنف: فحدّثني أبي عن عبد اللّه بن محمد الأزدي قال: إنّي لأصلّي تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلّون في ذلك الشهر من أوّل الليل إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلّون قريبا من السدّة قيام و قعود و ركوعا و سجودا ما يسأمون إذ خرج عليّ لصلاة الفجر فأقبل ينادي: الصلاة الصلاة. فما أدري أنادى أم رايت بريق السيف و سمعت قائلا يقول:

الحكم للّه يا عليّ لا لك و لا لأصحابك. ثمّ رأيت بريق سيف آخر ثانيا و سمعت عليّا يقول:

لا يفوتنّكم الرجل.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:36

13- حدّثنا الحسين/ 234/ ب/ حدّثنا عبد اللّه قال: حدثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي عن عبد الغفّار بن القاسم الأنصاري قال:

سمعت غير واحد يذكر أنّ ابن ملجم بات عند الأشعث بن قيس فلمّا أسحر جعل يقول له: أصبحت.

و كان حجر [بن عديّ الكندي] مؤذّنهم فخرج حجر و

أذّن فلم يكن أسرع من أن سمع الواعية فجعل حجر ينادي فوق المنارة: قتله الأعور- و كان الرجل أعور- و كان عليّ يسمّيه عرف النار. «1»

14- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي عن هشام بن محمد حدّثنا عوانة بن الحكم [قال:] إنّ حجر بن عديّ لمّا انصرف الناس من صلاة الغداة من مسجد

______________________________

و قال إسماعيل بن راشد في حديثه و وافقه في معناه حديث أبي عبد الرحمن السلمي أنّ شبيب بن بجرة ضربه فأخطأه و وقعت ضربته في الطاق و ضربه ابن ملجم- لعنه اللّه- فأثبت الضربة في وسط رأسه.

و قال عبد اللّه بن محمد الأزدي في حديثه: و شدّ الناس عليه من كلّ ناحية حتّى أخذوه ...

قال أبو مخنف: فحدّثني أبي عن عبد اللّه بن محمد الأزدي قال: أدخل ابن ملجم- لعنه اللّه- على عليّ و دخلت عليه فيمن دخل فسمعت عليّا يقول: النفس بالنفس إن أنا متّ فاقتلوه كما قتلني و إن سلمت رأيت فيه رأيي ...

(1) و قريبا منه و من التالي رواه البلاذري في الحديث: «525» و تاليه و الحديث: «532» من ترجمة أمير المؤمنين من كتاب أنساب الأشراف: ج 1، ص 433 و في ط 1: ج 2 ص 493- 494 و ص 496.

و رواه أيضا أبو الفرج في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيّين ص 33 قال:

حدّثني أحمد بن عيسى قال: حدّثنا الحسين بن نصر قال: حدّثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن الأسود و الأجلح [قالا]:

إنّ ابن ملجم أتى الأشعث بن قيس- لعنهما اللّه- في الليلة التي أراد فيها بعليّ ما أراد و الأشعث في بعض نواحي المسجد

فسمع حجر بن عديّ الأشعث يقول لابن ملجم- لعنه اللّه-: النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح. فقال له حجر: قتلته يا أعور. و خرج مبادرا إلى عليّ و اسرج دابّته و سبقه ابن ملجم- لعنه اللّه فضرب عليّا و أقبل حجر و الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:37

الأشعث و كان حجر بن عديّ إمامهم فلمّا سلّم قال الناس: ضرب أمير المؤمنين الليلة! فنظر حجر إلى الأشعث [بن قيس] فقال: أ لم أر ابن ملجم معك و أنت تناجيه و تقول له: فضحك الصبح؟ و اللّه لو أعلم ذلك حقّا لضربت أكثرك شعرا. فقال [له الأشعث]: إنّك شيخ قد خرفت.

قال: و بعث الأشعث إليه [ابنه] قيس بن الأشعث صبيحة ضرب عليّ [و] قال [له]: أي بنيّ انظرن كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فذهب [قيس] فنظر ثمّ رجع إليه فقال: يا أبة رأيت عينيه داخلتين في رأسه. فقال الأشعث: عيني دميغ و ربّ الكعبة. «1»

15- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدثني أبي عن محمد بن ربيعة قال: حدّثني نافع بن عقبة المنبهي قال:

خرجت من أهلي في السحر فانتهيت إلى باب المسجد باب كندة فإذا رجل خارج من المسجد مخترط سيفه فطرحت طيلساني في وجهه ثمّ أخذته فانتزعت السيف من يده ثمّ قدته كما يقاد الجمل فأدخلته المسجد فسمعت الضوضاء و الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين. [قال:] فجئت به فقلت: هو ذا أخذته خارجا من المسجد مخترطا سيفه.

فأدخل على عليّ فقال [عليه السلام]: احبسوه فإن أمت من جراحتي هذه فهو في أيديكم نفس بنفس فاقتلوه و إن أعش و أبرأ أرى فيه رأيي.

16- حدّثنا الحسين حدثنا

عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد قال: حدّثني رجل من النخع قال: حدّثني صالح بن ميثم عن أبيه قال:

نظرت إلى الناس حين انصرفوا/ 235/ أ/ من [صلاة] الفجر ينهشون ابن

______________________________

(1) و رواه ابن سعد في الطبقات ج 3 ص 37.

16- و قريبا منه جدّا رواه أبو الفرج في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 36 قال:

قال أبو مخنف: فحدّثني بعض أصحابنا عن صالح بن ميثم عن أخيه عمران قال ....

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:38

ملجم بأنيابهم و يثبون عليه وثبا كأنّهم السباع و يقولون: يا عدوّ اللّه ما صنعت؟

[قد] أهلكت الأمّة و قتلت خير الناس. و إنّه لمغني ما ينطق.

قال أبو بكر [ابن أبي الدنيا]: يعني [إنّه] لساكت «1».

17- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثنا سعيد بن يحيى حدثنا عبد اللّه بن سعيد عن زياد بن عبد اللّه قال:

قال محمد بن إسحاق: أقبل ابن ملجم المرادي من الشام «2» حتّى ضرب عليّا فقالت أمّ كلثوم بنت عليّ لابن ملجم: يا عدوّ اللّه قتلت أمير المؤمنين. قال:

لم أقتل إلّا أباك. قالت: أما و اللّه إنّي لأرجو أن لا يكون عليه بأس. قال: أ فعليّ تبكين إذا؟ ثمّ قال لها: و اللّه لقد سممته شهرا فإن أخلفني فأبعده اللّه و أسحقه.

18- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: و أخبرني العبّاس بن هشام ابن محمد عن أبيه عن أبي المقوّم يحيى بن ثعلبة الأنصاري «3»:

عن عبد الملك بن عمير قال: لمّا أدخل ابن ملجم على عليّ رحمه اللّه صبيحة ضربه و عنده ابنته أمّ كلثوم تبكي عند رأسه فلمّا نظرت إلى ابن ملجم سكتت ثمّ قالت: يا عدوّ

اللّه و اللّه ما على أمير المؤمنين بأس. فقال [ابن ملجم]:

أما و اللّه لقد شحذت السيف و أنكرت الحيف و نفيت الوجل و حثثت العجل و ضربته ضربة لو كانت بربيعة و مضر لأتت عليهم فعليّ إذا تبكين!؟ «4».

______________________________

(1) كذا فسّره المصنّف و لم أره بهذا المعنى فيما عندي من كتب اللغة.

(2) كذا في هذه الرواية و لم أر هذا المعنى في غيرها.

و قريبا منها رواه أبو الفرج في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 35 قال:

قال أبو مخنف: فحدّثني أبي عن عبد اللّه بن محمّد الأزدي قال: أدخل ابن ملجم على عليّ و دخلت فيمن دخل فسمعت عليّا يقول ...

(3) رسم الخطّ في قوله (المقوم) غير مبيّن كما ينبغي و قال ابن حجر في كتاب لسان الميزان: ج 6 ص 244: يحيى بن ثعلبة بن المقوّم عن الحكم بن عبد اللّه ضعّفه الدارقطني.

(4) و قريبا منه رواه أيضا البلاذري في الحديث: (530) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 1، ص 433 و في ط 1، ج 2 ص 495.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:39

19- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثنا المنذر بن عمار الكاهلي قال: حدّثني ابن أبي الحثحاث العجلي عن أبيه قال:

خرج عليّ بالسحر يوقظ الناس للصلاة فاستقبله ابن ملجم و معه سيف صغير فقال: (و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه و اللّه رءوف بالعباد) فظنّ عليّ أنّه يستفتحه فقال: «يا أيّها الذين آمنوا دخلوا في السلم كافّة» فضربه [ابن ملجم] بالسيف على قرنه.

20- «20» حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثني هارون بن أبي يحيى عن شيخ من قريش

[قال]: إنّ عليّا قال- لمّا ضربه ابن ملجم-: فزت و ربّ الكعبة «1».

21- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي عن أبي إسحاق المختار:

عن أبي مطر التيمي أنّ ابن ملجم لمّا ضرب عليّا وقع حدّ السيف برأس عليّ و وقع وسط السيف بالباب فقال عليّ: خذوا الر [جل] فإن/ 235 ب/ أمت فاقتلوه و إن أعش فالجروح قصاص.

22- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس قال:

______________________________

(20)- و الحديث رواه ابن عساكر بسنده عن ابن أبي الدنيا تحت الرقم: (1424) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 367 ط 2.

(1) و رواه أيضا ابن قتيبة في كتاب الإمامة و السياسة ص 160.

و رواه أيضا البلاذري في الحديث: (543) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف ج 2 ص 499 قال:

[حدّثني] المدائني عن يعقوب بن داوود الثقفي عن الحسن بن بزيع: أنّ عليّا خرج [في] الليلة التي ضرب في صبيحتها في السحر و هو يقول:

أشدد حيازيمك للموت فإنّ الموت لاقيك

و لا تجزع من الموت إذا حلّ بواديك و كان آخر ما تكلّم به: [ف] من يعمل مثقال ذرّة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرّة شرّا يره.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:40

حدثني أبي قال: حدّثني أبان البجلي عن أبي بكر بن حفص:

عن ابن عباس «1» قال: سمعت عليّا بالكوفة و أتي [بابن ملجم] فقيل: يا أمير المؤمنين ما تقول في هذا الأسير؟ قال: أرى أن تحسنوا ضيافته حتّى تنظروا على أيّ حال أكون فإن أهلك فلا تلبثوه بعدي ساعة.

23- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد الرحمن

بن صالح حدّثنا عمرو بن هشام عن إسماعيل بن أبي خالد:

عن عامر [الشعبي] قال: لمّا ضرب علي تلك الضربة قال: ما فعل ضاربي؟ قالوا: قد أخذناه. قال: أطعموه من طعامي و اسقوه من شرابي فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي و إن أنا مت فاضربوه ضربة لا تزيدوه عليها.

24- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه حدّثنا أبو خيثمة حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أبي تحيا «2» قال: قالوا لعليّ: لو أخذنا قاتلك أبرنا عترته. فقال: به به! ذاكم الظلم النفس بالنفس.

______________________________

(1) و هو عبيد اللّه بن العباس المادي كان أميرا على اليمن و في أواخر أيّام أمير المؤمنين عليه السلام لمّا شنّ معاوية الغارات على أطراف بلاد المسلمين بعث الطاغية بسر بن الأرطاة إلى اليمن ليقضي على كلّ من يكون على بيعة أمير المؤمنين فلمّا قرب بسر إلى اليمن هرب الجبان عبيد اللّه منه و انحلز إلى الكوفة و بقي هناك حتى استشهد أمير المؤمنين عليه السلام.

(2) هو من رجال البخاري و النسائي و وثّقه من غير خلاف جماعة كما في ترجمته من كتاب تهذيب التهذيب: ج 2 ص 453.

و الحديث رواه أيضا أحمد بن حنبل في أوائل مسند عليّ عليه السلام في الحديث: (713) من كتاب المسند: ج 1، ص 93 ط 1، و في ط 2 ج 2 ص 93.

و رواه عنه ابن عساكر في الحديث: (1423) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق:

ج 3 ص 366 ط 2.

و أيضا رواه ابن عساكر عن غير أحمد في الحديث: (1411) من الترجمة: ج 3 ص 357.

و أيضا رواه الهيثمي عن أحمد في كتاب مجمع

الزوائد: ج 9 ص 145، ثم قال: و فيه عمران بن ظبيان وثّقه ابن حبّان و بقيّة رجاله ثقاة.

و رواه أيضا الحاكم في باب فضائل عليّ عليه السلام من كتاب المستدرك: ج 3 ص 144.

و الحديث رواه أيضا الحافظ ابن عساكر تحت الرقم: (1411) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:41

25- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه حدثنا يوسف بن موسى حدثنا الضحّاك بن مخلد عن سفيان عن عمران بن ظبيان.

عن حكيم بن سعد قال: قيل لعليّ: لو نعلم قاتلك أبرنا عترته: فقال:

به به! ذاكم الظلم و لكن اقتلوه ثمّ أحرقوه.

26- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه حدّثنا خلف بن سالم حدثنا أبو نعيم حدّثنا فطر:

حدّثنا أبو الطفيل قال: دعا عليّ الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي فردّه مرّتين ثمّ بايعه ثمّ قال: ما يحبس أشقاها ليخضبنّ- أو ليصبغنّ- هذه- للحيته من رأسه «1»- ثمّ تمثّل:

______________________________

- من تاريخ دمشق: ج 3 ص 357 ط 2.

و قد علّقناه مع أحاديث أخر على الحديث الآتي- في عنوان: «أمر ابن ملجم و قتله»- تحت الرقم:

(77) ص 103.

(1) ثمّ إنّ الآثار الواردة عن النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم في توصيف ابن ملجم بسمة (أشقى الآخرين) كثيرة جدّا منها ما رواه أحمد بن حنبل في الحديث: (76) من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الفضائل ص 49 ط قم قال:

حدّثنا وكيع قال: حدثني قتيبة بن قدامة الرواسي عن أبيه عن الضحّاك بن مزاحم قال:

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يا عليّ تدري من شرّ الأوّلين؟ [قال أحمد: و] قال وكيع مرّة: عن الضحّاك-:

عن عليّ قال: قال لي رسول اللّه صلى

اللّه عليه [و آله] و سلّم: يا عليّ [أ] تدري من أشقى الأوّلين؟

قلت: اللّه و رسوله أعلم. قال: عاقر الناقة. [ثمّ] قال [أ] تدري من شرّ- و قال مرّة: من أشقى- الآخرين؟ قلت: اللّه و رسوله أعلم. قال قاتلك.

و رواه أيضا الحافظ أبو نعيم في فضائل عليّ عليه السلام من كتاب معرفة الصحابة الورق: 22/ قال:

حدّثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن سالم حدثنا أحمد بن عليّ الأبّار حدثنا القاسم بن عيسى الطائي حدثنا رحمة بن مصعب عن فطر بن خليفة:

عن أبي الطفيل قال: كنت عند عليّ بن أبي طالب فأتاه عبد الرحمن بن ملجم فأمر له بعطائه ثمّ قال: ما يحبس أشقاها أن يخضبها من أعلاها يخضب هذه من هذه!- و أومأ إلى لحيته- ثمّ قال:

أشدد حيازيمك للموت فإنّ الموت آتيك -

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:42 شدّ حيازيمك للموت فإنّ الموت آتيك

و لا تجزع من الموت إذا حلّ بواديك 27- حدّثنا الحسين حدثنا عبد اللّه حدّثنا خلف بن سالم حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا معمر عن أيّوب «1»:

______________________________

-

و لا تجزع من القتل إذا حلّ بواديك و رواه أيضا محمد بن سليمان الصنعاني في الحديث: (527) في الجزء الخامس من كتابه: مناقب عليّ عليه السلام: ج 2 ص ... و في المخطوطة في الورق:/ 123/ ب/.

و أسند أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر عن محمد بن مسروق عن فطر نحو رواية ابن أبي الدنيا على ما حكاه عنه ابن حجر في ترجمة أشقى الآخرين من لسان الميزان.

و الحديث رواه ابن سعد بسنده عن أبي نعيم الفضل بن دكين في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 33 ط بيروت.

و رواه عنه البلاذري

في الحديث: (545) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 500 ط 1. و فيهما ذيل غير مذكور هاهنا.

و رواه أيضا بطرق الحافظ ابن عساكر تحت الرقم؛ (1389) و ما بعده من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 342 ط 2.

و جلّ ما هنا رواه ابو الفرج المرواني في أخبار عمرو بن معديكرب من كتاب الاغاني: ج 14، ص 33 ط ساسي.

و رواه أيضا في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 31، و ما حولها.

و أطراف شي ء ورد في المقام ما ذكره الذهبى في ترجمة رئيس الناكثين و المحرّضين على عثمان طلحة بن عبيد اللّه من كتاب سير أعلام النبلاء: ج 1، ص 36 ط بيروت قال:

[و] قاتل طلحة في الوزر بمنزلة قاتل عليّ!!!

أقول: أمّا وزر قاتل عليّ فقد علمناه من لسان النّبي الذي لا ينطق عن الهوى.

و أمّا وزر قاتل طلحة فعلى أولياء الذهبي أن يستفسروا منه أنّه من أيّ شيطان غويّ أخذه؟!! و الظاهر أنّه أخذه من تلاميذ شيخ مشايخه حريز الحمصي!!!

(1) و رواه أيضا ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من الطبقات الكبرى: ج 3 ص 34 ط بيروت قال:

أخبرنا أبو أسامة حمّاد بن أسامة عن يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين قال: عليّ بن أبي طالب للمرادي ...

و رواه عنه البلاذري في الحديث: (155) من ترجمة امير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الاشراف:

ج 2 ص 502.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:43

عن ابن سيرين قال: كان عليّ إذا رأى ابن ملجم قال:

أريد حباءه و يريد قتلي عذيرك من خليلك من مراد 28- حدّثنا الحسين

حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام ابن محمد عن أبيه [قال]:

لمّا ضرب ابن ملجم/ 236/ أ/ عليّا دعي له ابن أثير الكندي و كان طبيبا فأخذ عرقة فأدخلها في رأسه فإذا دماغه قد خرج فيها فقال: يا أمير المؤمنين اعهد عهدك و أمر أمرك فإنّك ميّت.

29- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا سعيد بن يحيى القرشي حدّثنا عبد اللّه بن سعيد عن زياد بن عبد اللّه قال:

قال مجالد: دعي لعليّ؛ الكندي و كان طبيبا فدعا بريّة فأخذ منها قديدة لطيفة فيها عرقها «1» ثمّ نفخها و دسّها في جرحه ثمّ أخرجها فإذا عليها من دماغه فقال: اعهد يا أمير المؤمنين [عهدك فإنّه] لا يعالج مثلك.

فقال عليّ عند ذلك إن أمت [من ضربته هذه] فاقتلوه فإنّها النفس بالنفس «2» و إن عشت فسأرى رأيى.

______________________________

(1) كذا في أصلي، و لعلّ القديدة هي ما قطع من اللحم طوالا.

(2) رسم الخطّ في هذه الكلمة من أصلي غير جلّي و يصلح أن يقرأ: «فإنّما النفس بالنفس ...».

و قريبا منه رواه أبو عمر في أواسط ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الإستيعاب بهامش الإصابة: ج 3 ص 62 قال:

أخبرنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عليّ بن عمر [كذا] قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد [قال:] حدثنا الحسن بن همدان بن ثابت حدثنا عليّ بن إبراهيم بن المعلّى حدّثنا زيد بن عمرو بن البحتري حدثنا غياث بن إبراهيم حدثنا أبو روق عن عبد اللّه بن مالك قال:

جمع الأطبّاء لعليّ رضي اللّه عنه يوم جرح و كان أبصرهم بالطبّ أثير بن عمرو السكوني- و كان صاحب كسرى [و] يتطبّب و هو الذي تنسب إليه صحراء أثير- فأخذ

رئة شاة فتبع عرقا منها فاستخرجه فأدخله في جراحة عليّ نفخ العرق فاستخرجه فإذا عليه بياض الدماغ و إذا الضربة قد وصلت إلى أمّ رأسه فقال: يا أمير المؤمنين اعهد عهدك فإنّك ميّت.

و رواه أبو الفرج بلفظ أوضح و بسند آخر- مع الوصيّة التالية- في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 38.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:45

وصيّة [أمير المؤمنين] عليّ بن أبي طالب رحمه اللّه تعالى

30- «30» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه «1» قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي عن أبي عبد اللّه الجعفي:

عن جابر بن يزيد عن محمّد بن عليّ قال: أوصى أمير المؤمنين عليّ [بن أبي طالب عليه السلام] إلى حسن [عليه السلام] [و قال]:

بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به عليّ بن أبي طالب أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحقّ ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون.

ثمّ إنّ صلاتي و نسكي و محياي و مماتي للّه ربّ العالمين بذلك أمرت و أنا من المسلمين.

ثمّ [إنّي] أوصيك يا حسن و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي أن

______________________________

(30)- و هذا الحديث مع الحديثين الآتيين تحت الرقم: (32- 33) رواها أيضا الطبري في آخر سيرة أمير المؤمنين من تاريخه: ج 1، ص 3461، و في ط الحديثة ببيروت: ج 5 ص 146، و للأحاديث مصادر أخر أيضا.

(1) و رواه عنه الحافظ ابن عساكر في الحديث: (1428) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 371 و لكن لم يذكر نصّ كلامه عليه السلام.

و رواه أيضا إشارة-

كابن عساكر- أبو نعيم الحافظ بسند آخر في فضائل عليّ عليه السلام من كتاب معرفة الصحابة الورق: 21/ أ/.

و رواه عنه ابن عساكر في الحديث: (1429) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 371.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:46

تتقوا اللّه ربّكم و لا تموتنّ إلّا و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل اللّه جميعا و لا تفرّقوا فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله و سلم] يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصيام و الصلاة و إنّ حالقة «1» الدين فساد ذات البين و لا قوّة إلّا باللّه.

انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهوّن [اللّه] عليكم الحساب.

و اللّه اللّه في الأيتام فلا تغمزن أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم «2».

و اللّه اللّه في جيرانكم فإنّهم وصيّة رسول اللّه [صلّى اللّه عليه و آله و سلّم] ما زال يوصينا بهم حتّى ظننّا أنّه يورثهم.

و اللّه اللّه/ 236/ ب/ في القرآن أن يسبقكم بالعمل به غيركم.

و اللّه اللّه في الصلاة فإنّها عمود دينكم.

و اللّه اللّه في بيت ربّكم لا يخلونّ ما بقيتم فإنّه إن خلا لم تناظروا.

و اللّه اللّه في [شهر] رمضان فإنّ صيامه جنّة من النار لكم.

و اللّه اللّه في الجهاد في سبيل اللّه بأيديكم و أموالكم و ألسنتكم.

و اللّه اللّه في الزكاة فإنّها تطفئ غضب الربّ.

و اللّه اللّه في ذرّية نبيّكم فلا يظلمنّ بين أظهركم «3».

و اللّه اللّه فيما ملكت أيمانكم.

انظروا فلا تخافوا في اللّه لومة لائم يكفكم [اللّه] من أرادكم و بغى

______________________________

(1) بين قوله: «إن» و «حالقة» كلمة غير مقروءة كأنّها ضرب عليها الخطّ تقرأ: «المعرّة»

(2) كذا في ظاهر رسم الخطّ من أصلي و ادّعى بعض الأجلّة من المعاصرين أنّ

الظاهر من رسم خطّ الأصل: «فلا تغبّبون ...». و في الأصل: و لا يضيعون.

و في باب الوصايا من كتاب الكافي و مثله في الباب: (6) من كتاب الوصايا من كتاب تهذيب الأحكام: ج 9 ص 176، و كتاب الغيبة للطوسي ص 127 ط 2: «فلا تغبّوا أفواههم».

و في رواية الطبري في تاريخه: «فلا تعنوا أفواههم».

و في مقاتل الطالبيّين: «فلا تغيّرنّ أفواههم بجفوتكم».

(3) هذا هو الصواب الوارد في كثير من المصادر الموثوقة، و في اصلي: «ذمّة نبيّكم» و هذه شنشنة أخزميّة.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:47

عليكم.

و قولوا للناس حسنا كما أمركم اللّه.

و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولّى الأمر شراركم ثمّ يدعو خياركم فلا يستجاب لهم.

عليكم يا بنيّ بالتواصل و التباذل و إيّاكم و التّقاطع و التّكاثر «1» و التفرق و تعاونوا على البرّ و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب.

حفظكم اللّه من أهل بيت و حفظ نبيّكم فيكم.

أستودعكم اللّه [و] أقرأ عليكم السلام و رحمة اللّه.

ثمّ لم ينطق [عليه السلام] إلّا ب «لا إله إلّا اللّه» حتّى قبضه اللّه في رمضان أوّل ليلة من العشر الأواخر. «2».

31- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد عن أبي عبد اللّه الجعفي عن جابر:

______________________________

(1) كذا في أصلي، و في رواية السيّد الرضي في نهج البلاغة و ثقة الإسلام الكليني في الكافي و الشيخ الصدوق و شيخ الطائفة و الطبري و أبي الفرج في مقاتل الطالبييّن:

«و التّدابر» و هو الصواب و ما في نسخة أصلي مصحّف.

(2) و على هذا جمهور شيعة أهل البيت عليهم السلام خلفا عن سلف و أخبارهم

مستفيضة بدلك.

31- و هذا رواه أيضا الطبري في عنوان: «ذكر الخبر عن سبب قتله و مقتله» من تاريخه: ج 5 ص 143- 148، و ظاهر سياقه أنّه يرويه عن موسى بن عثمان بن عبد الرحمن المسروقي عن عبد الرحمن الحرّاني أبي عبد الرحمن عن إسماعيل بن راشد ...

و رواه أيضا أبو الفرج المرواني في مقتل أمير المؤمنين من كتاب مقاتل الطالبيّين ص 38، قال:

حدّثني أحمد بن عيسى قال: حدّثني الحسين بن نصر قال: حدّثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف قال: حدّثني عطيّة بن الحارث عن عمر بن تميم و عمرو بن أبي بكار ...

و رواه أيضا ابن كثير في أواخر سيرة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ البداية و النهاية: ج 7 ص 338.

و للوصية مصادر و أسانيد أخر يجد الباحث بعضها في المختار: «10» و المختار: «65» من باب وصايا نهج السعادة: ج 7 ص 159، و ج 8 ص 475 ط 1.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:48

عن أبي جعفر محمد بن عليّ قال: أوصى عليّ بن أبي طالب عند موته بهذه الوصيّة و كتبها كاتبه عبيد اللّه بن أبي رافع و عليّ يملي عليه.

32- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد عن أبي جناب الكلبي عن أبي عون الثقفي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال:

أوصى عليّ بن أبي طالب ابنه الحسن بن عليّ حين حضره الموت [و] قال:

يا بنيّ أوصيك بتقوى اللّه و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة عند محلّها و حسن الوضوء و الصبر عليه فإنّه لا صلاة إلّا بطهور و لا تقبل الصلاة ممّن يمنع الزكاة. و أوصيك بمغفرة

الذنب «1» و كظم الغيظ و صلة الرحم و الحلم عند الجهل «2» و التفقّه في الدين و التّثبّت في الأمر و التعاهد للقرآن/ 237/ أ/ و حسن الجوار و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و اجتناب الفواحش كلّها في كلّ ما عصي اللّه فيه.

33- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد عن شيخ من الأزد حدّثهم:

عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال: دخلت على عليّ أسل به «3»

______________________________

(1) و مثله في كتاب تحف العقول، و في تاريخ الطبري و المعجم الكبير: «بغفر الذنب ...».

(2) و مثله في تاريخ الطبري، و في كتاب تحف العقول: «و الحلم عند الجاهل». و في كتاب المعجم الكبير: «و الحلم عن الجهل».

و في رواية ابن الأثير في تاريخ الكامل: «و الحلم عن الجاهل» و هو أظهر.

و رواه الطبراني في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام تحت الرقم (0000) من كتاب المعجم الكبير: ج 1/ الورق:/ 10/ ب/ و في ط 1، ج 1، ص ... و ذيّله بما في ذيل الوصيّة الآتية هاهنا و قال: قال عليّ للحسن و الحسين:

أي بنيّ أوصيكما بتقوى اللّه و إقام الصلاة لوقتها و إيتاء الزكاة ...

(3) كذا في أصلي، و في الفصل: (26) من كتاب مناقب الخوارزمي ص 278: «و ذكروا أنّ جندب بن عبد اللّه دخل على عليّ يسلّيه ...»

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:49

فقمت قائما لمكان ابنته أمّ كلثوم كانت مستترة فقلت: يا أمير المؤمنين إن فقدناك- و لا نفقدك- نبايع للحسن؟ فقال عليّ: ما آمركم و لا أنها كم فعدت فقلت مثلها فردّ عليّ مثلها [قال]:

ثمّ دعا ابنيه الحسن و الحسين فقال

لهما:

أوصيكما بتقوى اللّه و [أن] لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما و لا تبكيا على شي ء منهازوي عنكما قولا الحقّ و ارحما اليتيم و أعينا الضائع و اصنعا للآخرة، كونا «1» للظالم خصما و للمظلوم عونا و اعملا بما في كتاب اللّه و لا تأخذ كما في اللّه لومة لائم.

ثمّ نظر إلى ابنه محمد ابن الحنفيّة فقال: يا بنيّ أ فهمت ما أوصيت به أخويك! قال: نعم يا أبة. قال: يا بنيّ أوصيك بمثله و أوصيك بتوقير أخويك و تعظيم حقّهما و تبرير «2» أمرهما و لا تقطع أمرا دونهما.

ثمّ قال للحسن و الحسين: و أوصيكما به فإنّه شقيقكما و ابن أبيكما و قد علمتما أنّ أباكما كان يحبّه فأحبّاه.

34- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني محمد بن عباد بن موسى «3» حدّثنا يزيد بن هارون عن محمد بن عبيد اللّه:

عن أبي جعفر [عليه السلام] أنّ عليّا لمّا احتضر جمع بنيه فقال:

يا بنيّ يؤلف «4» بعضكم بعضا يرأف كبيركم صغيركم و لا تكونوا كبيض

______________________________

(1) و يمكن أن يقرأ: و اصنعا للأجر و كونا.

(2) هذه اللفظة غير واضحة في الأصل و لكن جاءت واضحة في تاريخ الطبري، و في المعجم الكبير ج 1 ص ... (و تزيين أمرهما).

(3) قال الخطيب تحت الرقم: «882» من تاريخ بغداد: ج 2 ص 373:

محمد بن عباد بن موسى بن راشد العكلي يلقّب سندولا، كوفي سكن بغداد كان صاحب أخبار و حفظ لأيّام الناس ...

(4) هذه الكلمة رسم خطّها غير جلّي كما ينبغي فيحتمل أن يقرأ:

يا بني يرأف بعضكم بعضا ...

و في المختار: (164) من كتاب نهج البلاغة: ليتأسّ صغيركم بكبيركم و ليرأف كبيركم بصغيركم و لا-

مقتل علي(ع)، ابن أبي

الدنيا ،ص:50

و ضاح في داوية «1».

ويح الفراخ فراخ آل محمد من عتريف مترف يقتل خلفي و خلف الخلف «2».

أما و اللّه لقد شهدت الدعوات و سمعت الرسالات «3» و ليتمّ اللّه نعمته عليكم أهل البيت.

قال ابن عباد [في بيان] قوله: «لا تكونوا كبيض و ضاح في داوية»: إنّ النعامة تبيض في الدويّة فتحضنه حتّى إذا فرخ البيض تفرّقت دبالها يعني فراخها «4» [قال]: يقول [لهم أمير المؤمنين عليه السلام]: لا تتفرّقوا بعد موتي.

______________________________

- تكونوا كجفاة الجاهليّة لا في الدين يتفقّهون و لا عن اللّه يعقلون كقيض بيض في أداح يكون كسرها وزرا و يخرج حضانها شرّا.

و الفقرة الأخيرة منها رواها أيضا ابن الأثير في مادّة: «قيض» من كتاب النهاية و قال: القيض: قشر البيض.

و أيضا قال ابن الأثير في مادّة: «دحا» من كتاب النهاية: و منه حديثه [أي حديث عليّ عليه السلام]: «لا تكونوا كقيض بيض في أداحي» الأداحيّ: جمع الأدحيّ و هو الموضع الذي تبيض فيه النعامة و تفرخ و هو أفعول من «دحوت» لأنّها تدحوه برجلها أي تبسطه ثمّ تبيض فيه.

و ليلاحظ كتاب بشارة المصطفى ص 249، ط 1.

(1) قال ابن الأثير في مادّة: «دوا» من كتاب النهاية: الدّو [على زنة سدّ]: الصحراء التي لا نبات بها و الدويّة منسوبة إليها و قد تبدل من إحدى الواوين ألف فيقال: داوية على غير قياس نحو طائي في النسب إلى الطي ء.

(2) قال ابن الأثير في مادّة: «أوه» من كتاب النهاية: و منه الحديث: «أوه لفراخ [آل] محمّد من خليفة يستخلف» و قد تكرّر ذكره في الحديث.

و قال ابن الأثير أيضا في مادّة: «ترف»: و في الحديث: «أوه لفراخ محمد من خليفة يستخلف عتريف مترف» المترف:

المتنعّم المتوسّع في ملاذ الدنيا و شهواتها.

(3) و في المختار: (118) من كتاب نهج البلاغة: تاللّه لقد علمت تبليغ الرسالات و إتمام العدات و تمام الكلمات و عندنا أهل البيت أبواب الحكم و ضياء الأمر ...

و رواه أيضا سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص 138، ط 2.

و رواه عنه المجلسي رحمه اللّه في الباب: (...) من سيرة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب بحار الأنوار:

ج 8 ص 723 ط 1.

(4) و هاهنا بقدر سطر رسم الخطّ من أصلي مبهم و غير واضح.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:51

35- حدّثنا الحسين/ 227 ب/ حدّثنا عبد اللّه حدّثنا عليّ بن الجعد حدّثنا أبو يوسف القاضي حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن عمر بن عليّ عن أبيه عن جدّه أنّه كتب هذه الوصيّة:

هذا ما أمر به و قضى به في ماله عليّ بن أبي طالب «1» تصدّق ب «ينبع» ابتغى بها مرضاة اللّه و وجهه، ينفق في كلّ نفقة في سبيل اللّه في الحرب و السلم و الجنود و ذي الرحم و القريب و البعيد «2» لا يباع و لا يورث.

[و] كلّ مال [لي] ب «ينبع» [صدقة] «3» غير أنّ رباحا و أبا نيزر و جبيرا إن حدث بي حدث فليس عليهم سبيل و هم محرّرون موالي يعملون في المال خمس حجج و فيه نفقتهم و رزقهم و رزق أهاليهم فذلك الذي أقضي فيما كان لي ب «ينبع» [فهو صدقة] واجبة حيّا أنا أو ميّت «4».

و معهما ما كان لي بوادي القرى من مال أو رقيق حيّا أنا أو ميّت «5».

______________________________

(1) و رواه أيضا في متن كتاب الروض النضير المعروف عند الزيديّة بمسند زيد قال:

قال أبو خالد الواسطي:

حدّثني زيد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السلام أنّه كتب في صدقته:

هذا ما أمر به عليّ بن أبي طالب و قضى في ماله: أنّي تصدّقت ب «ينبع» و «وادي القرى» و «الأذينة» و «راعة» في سبيل اللّه و وجهه ...

(2) و في متن الروض النضير: «و ذوي الرحم القريب و البعيد».

(3) ما بين المعقوفين زيادة منّا مستفادة من الروايات الواردة في الموضوع ففي رواية القاضي نعمان في كتاب دعائم الاسلام: ج 2 ص 339:

ما كان لي ب «ينبع» من مال و يعرف لي منها و ما حولها صدقة و رقيقها غير أنّ رباحا ...

و في رواية ثقة الاسلام الكليني في كتاب الوصايا من الكافي: ج 7 ص 49:

إنّ ما كان لي من مال ب «ينبع» يعرف لي فيها و ما حولها صدقة ...

(4) كذا في أصلي و في رواية الكليني و الواسطي: حيّا أنا أو ميتا ...

و في رواية القاضي نعمان في كتاب دعائم الإسلام: حيّ أنا أو ميّت ...

(5) كذا في أصلي، و في المختار: (35) من وصايا نهج السعادة: ج 8 ص 303: «و مع ذلك ما كان لي بوادي القرى ثلثه مال بني فاطمة و رقيقها صدقة.

و ما كان لي ببرقة و أهلها صدقة غير أنّ زريقا له مثل ما كتبت لأصحابه. و ما كان لي بأذينة-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:52

و مع ذلك الأذينية و أهلها حيا أنا أو ميّت و مع ذلك درعة و أهلها «1».

و إنّ زريقا «2» له مثل ما كتبت لأبي نيزر و رباح و جبير معا هو يتقبلهم و هو يرتهن «3» فذلك [الذي] «4» قضيت بيني و بين اللّه الغد [من]

يوم قدمت مسكن حيّ أنا أو ميّت.

و إنّ ما لي في وادي القرى و الأذينية و درعة «5» ينفق في كلّ نفقة ابتغاء وجه اللّه و في سبيل اللّه و وجهه يوم تسوّد [فيه] وجوه و تبيضّ [فيه] وجوه لا يبعن و لا يوهبن و لا يورثن إلّا إلى اللّه هو يتقبلهن و هو يرثهنّ فذلك قضيت بيني و بين اللّه [الغد من يوم قدمت مسكن حيا أنا أو ميتا] «6».

هذا ما قضى به عليّ بن أبي طالب في ماله واجبة بتّة «7».

______________________________

- و أهلها صدقة.

و الذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة حيّ أنا أو ميّت ...».

(1) كذا قرأه بعض الأجلّة و في متن الروض النضير: «و راعة» قال في شرحه: «راعة»- مشدّدة العين- اسم موضع على ليلة من «فدك» ضيعة كانت لأمير المؤمنين عليه السلام.

(2) كلمة «زريق» كانت في أصلي منقوص الحروف و أصلحناها على وفق رواية الكليني و غيره.

(3) رسم الخطّ من أصلي في الألفاظ المذكورة بعد قوله: «جبير» غامض جدّا، و ما أثبتناه هو المظنون من رسم الخطّ.

و الحديث رواه أيضا الحافظ الكبير الرزّاق تحت الرقم: (19414) في كتاب ...

من المصنّف: ج 10، ص 375 ط 1، و فيه:

و لا يبعن و لا يوهبن و لا يورثن إلّا إلى اللّه هو يتقبّلهنّ و هو يرثهنّ ...

و رواه أيضا في كتاب ... تحت الرقم: (13212) في ج 7 ص 288 ط 1، و لكن هذه الجمل غير موجودة فيه.

(4) و في متن كتاب الروض النضير: فذلك الذي قضيت فيها- فيما بيني و بين اللّه عزّ و جلّ- الغد منذ قدمت مسكن ...

(5) رسم الخطّ في كلمتي: «الأذينة» و «درعة» غامض.

(6) من

قوله: «هو يتقبّلهنّ» إلى «ميتا» كان بهامش الأصل و لم يكن مقروءا إلّا بمعونة رواية عبد الرّزاق في المصنّف ج 10 ص 375.

(7) و في رواية الكليني و شيخ الطائفة: «واجبة بتلة» و هما بمعنى واحد.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:53

[و إنّه] يقوم على ذلك الحسن بن عليّ يليها ما دام حيّا فإن هلك [فهي] إلى الحسين بن عليّ «1» يليها ما دام حيّا فإن هلك فهي إلى الأولى فالأولى من ذوي السنّ و الصلاح [من ولدي] «2» من الذي يعدل فيها و يطعم ولدي بالمعروف غير المنكر و لا الإسراف يزرع و يغرس و يصلح كإصلاحهم أموالهم.

و لا يباع من أولاد نخل هذه القرى الأربع وديّة واحدة حتّى تشكل أرضها غراسا «3» فإنّما عملتها للمؤمنين أوّلهم و آخرهم فمن وليها من الناس فأذكّره اللّه [آن] يجتهد و نصح و حفظ أمانته و وسع «4».

هذا كتاب عليّ بن أبي طالب رحمه اللّه عليه بيده إذ قدم مسكن.

و قد علمتم أنّ الفقيرين في سبيل اللّه واجبة بتّة «5».

______________________________

(1) كلمة: «إنّه» الموضوعة بين المعقوفين مأخوذة من المختار: (25) من الباب الثاني من كتاب نهج البلاغة و من رواية شيخ الطائفة في كتاب التهذيب.

رافظة: «فهي» لم تكن مقروءة من أصلي و يمكن أن تقرأ: فإلى الحسين.

(2) ما بين المعقوفين زيادة ظنّية منّا، و لعلّ التعبير عنه بلفظ: «من ولده» يكون أظهر.

و ليلاحظ الحديث: الثاني و ما بعده من ترجمة زيد الشهيد من كتاب أنساب الأشراف: ج 3 ص 230 ط 1.

(3) كذا في أصلي و في المختار: (26) من الباب الثاني من كتاب نهج البلاغة:

و يشترط على الذي يجعله إليه أن يترك المال على أصوله و ينفق من

ثمره حيث أمر به و هدي له و أن لا يبيع من أولاد نخيل هذه القرى وديّة حتّى تشكل أرضها غراسا.

قال السيّد الرضي رحمه اللّه: قوله عليه السلام في هذه الوصيّة: «أن لا يبيع من نخيلها وديّة» الودية:

[كهديّة]: الفسيلة و جمعها: وديّ.

و قوله عليه السلام: حتّى تشكل أرضها غراسا هو من أفصح الكلام و المراد به أنّ الأرض يكثر فيها غراس النخل حتّى يراها الناظر على غير تلك الصفة التي عرفها بها فيشكل عليه أمرهما و يحسبها غيرها.

(4) هذا هو الظاهر من السياق، و في اصلي: «فأذكّره اللّه اجتهد و نصح ...».

(5) هي مثنى «الفقير» و هو اسم قطعتين من الأرض وهبهما النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم لعليّ عليه السلام.

و روى ابن أبي شيبة في كتاب الجهاد تحت الرقم: (13078) من كتاب المصنّف: ج 12، ص 356 ط 1، قال:

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:54

و مال محمد النبيّ صلّى اللّه عليه [و آله] ينفق في كلّ نفقة في سبيل اللّه و وجهه و ذوي الرحم و الفقراء و المساكين/ 238/ أ/ و ابن السبيل يقوم على ذلك أكبر بني فاطمة بالأمانة و الإصلاح كإصلاحه ماله، يزرع و يغرس و ينصح و يجهد.

هذا ما قضى به «1» عليّ بن أبي طالب- رحمه اللّه- في هذه الأموال الذي كتب في هذه الصحيفة، و اللّه المستعان على كلّ حال [و] لا يحلّ لأحد وليها و حكّم فيها أن يعمل فيها بغير عهدي.

أمّا بعد «2» فإنّ ولائدي اللاتي أطوف عليهنّ تسع عشرة منها أمّهات أولاد «3» معهنّ أولادهن و منهنّ حبالى و منهنّ من لا ولد لها و قضيت- إن حدث بي حدث في هذا الغزو-

أنّ من كان منهنّ ليس لها ولد و ليست بحبلى [فهي] عتيقة لوجه اللّه ليس لأحد عليها سبيل و من كان منهنّ حبلى أولها ولد فلتمسك على ولدها و هي من حظّه فإن ما ولدها و هي حيّة فليس لأحد عليها سبيل.

هذا ما قضى به [عليّ] في ولائده التسع عشرة.

شهد عبيد اللّه بن أبي رافع و هياج بن أبي هياج و كتب عليّ بن أبي طالب أمّ الكتاب بيده لعشر خلون «4» من جمادى الأولى سنة تسع و ثلاثين.

______________________________

- حدّثنا وكيع قال: حدثنا حسن بن صالح عن جعفر [بن محمّد عليه السلام] أنّ النبيّ صلى اللّه عليه [و آله] و سلّم أقطع عليّا الفقيرين و بئر قيس و الشجرة.

و قال الياقوت الحموي- بعد تفسيره «الفقير»- في كتاب معجم البلدان: و عن جعفر بن محمد: أنّ النّبي صلى اللّه عليه [و آله] و سلم أقطع عليّا رضي اللّه عنه أربع أرضين: الفقيرين و بئر قيس و الشجرة ...

(1) و يمكن أن يقرأ: هذا ما أوصى به.

(2) و في المختار: «26» من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة: «و من كان من إمائي ...».

و هو أظهر مما في هذه الرواية و ما بمساقها لأنّ هذا الذيل مرويّ بالسند السابق و من تتمّة الرواية السالفة.

(3) هذا هو الظاهر الموافق لما عثرنا عليه، و في أصلي: «اولادي».

(4) كذا في أصلي، و أمّ الشي ء: أصله. و كلمة: «العشر» رسم خطّها غير واضح من أصلي و يحتمل-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:55

قال عبيد اللّه [بن أبي رافع]: و كان بين مقتله و بين كتابه هذا أربعة أشهر و ثلاث عشرة ليلة.

36- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا إسحاق بن إسماعيل حدّثنا

سفيان عن عمرو بن دينار قال:

[كان] في صدقة عليّ بن أبي طالب: [عليه السلام]:

هذا ما تصدّق به عليّ تصدّق ب «ينبع» ابتغاء وجه اللّه و هي حداد أربعة آلاف وسق سوى حنطتها و شعيرها و سلتها و حنّائها و موزها.

وجوه و تسوّد [فيه] وجوه فهي واجبة في سبيل اللّه صدقة واجبة بتلا «1» لا تباع و لا توهب و لا تورث.

و تصدّق عليّ بيمينه عشرة عينا.

37- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا إسحاق بن إسماعيل حدّثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال:

[كان] في وصيّة عليّ: و إنّ رباحا و جبيرا و أبا نيزر يعملون في المال و كلّ مال لي ب «ينبع» إنّما عملتها للمؤمنين أوّلهم و آخرهم ليولجني اللّه به الجنّة و يصرف به النار عن وجهي و يصرف بها وجهي عن النار يوم تبيضّ [فيه]

38- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا إسحاق حدّثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: [كان] في وصيّة عليّ:

أمّا بعد فإنّ ولائدي/ 238/ ب/ اللاتي أطوف عليهنّ تسع عشرة وليدة منهنّ أمّهات أولاد معهنّ أولادهنّ أحياء معهنّ، و منهنّ حبالى.

و منهنّ من لا ولد لها فقضيت إن حدث بي حدث في هذا الغزو أن من كان منهنّ ليست بحبلى و ليس لها ولد فهي عتيقة لوجه اللّه ليس لأحد عليها

______________________________

- رسم الخطّ أن يقرأ: «لخمس».

(1) و هذه القطعة من الوصيّة بخصوصها مصادر و أسانيد قد ذكرنا كثيرا منها في المختار: «64» من باب الوصايا من كتاب نهج السعادة: ج 8 ص 463 ط 1.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:56

سبيل و من كان منهنّ حبلى أولها ولد فهي تمسك على ولدها و هي من حظّه فإن مات ولدها و هي

حيّة فهي عتيقة لوجه اللّه.

هذا ما قضيت به في ولائدي التسع عشرة و اللّه المستعان على كلّ حال.

شهد أبو هياج «1» و عبيد اللّه بن أبي رافع و كتب.

39- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبو عليّ أحمد بن الحسن الضرير حدّثنا الحسين بن هارون عن ابن زبار الكلبي عن حكيم بن نافع عن العلاء بن عبد الرحمن قال:

لمّا ضرب عبد الرحمن بن ملجم عليّا رحمه اللّه و حمل إلى منزله أتاه العوّاد فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه ثمّ قال:

كلّ امرى ملاق ما يفرّ منه و الأجل مساق النفس [إليه] و الهرب [منه] موافاته «2»

كم أطردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فيأبى اللّه إلّا إخفاءه هيهات علم مخزون. مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا 56 وصية[أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى

ّا وصيّتي إيّاكم [ف] اللّه لا تشركوا به شيئا و محمّدا صلّى اللّه عليه

______________________________

(1) و هو عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب، و هو صهر الإمام كان متزوّجا ب «رملة» بنت أمير المؤمنين عليّ عليه السلام على ما يأتي في الحديث: «119» في الورق:/ 248/ ب/ و في هذه الطبعة ص 125.

و هذه الوصيّة ذكرها إشارة الفسوي في كتابه المعرفة و التاريخ: ج 2 ص 811 ط 1، و في المخطوطة منها:

ج 1/ الورق 257/ أ/ قال:

حدّثنا سفيان قال: حدّثنا عمرو [بن دينار]- حفظته منه- [قال:] إنّ عليّ بن أبي طالب أوصى إلى حسن [ابنه] فلم يكن فيها إلّا شاهدان شهدا: أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب و عبيد اللّه بن أبي رافع و كتب.

قال سفيان:

إنّما هو ابن أبي الهياج و لكن غلط عمرو.

(2) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق و كان في أصلي وضع علامة فوق قوله: «و الهرب» و لكن لم يذكر في هامشه ما يرتبط به.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:57

و آله و سلّم فلا تضيّعوا سنّته أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذمّ ما لم تشردوا «1».

حمل كلّ امرئ مجهوده و عفا عن الجهلة ربّ رحيم و دين قويم «2».

كنّا في في ء رياح و على ذرى أغصان و تحت ظلّ غمامة اضمحلّ مركدها فمخطّها من الأرض عازب «3».

جاورتكم أيّاما تباعا و ليالي دراكا «4» ستعقبون من بعدي جثّة حواء ساكنة بعد حركة، كاظمة بعد نطوق.

ليعظكم هدأتي و خفوت أطرافي «5» إنّه أوعظ للمعتبرين من نطق البليغ.

وداعيكم وداع [امرئ] مرصد للتلاق «6».

غدا ترون أيّامي و يكشف [لكم] عن سرائري.

______________________________

(1) أي ما دام لم تميلوا و لم تنحرفوا عن هذين العمودين. و «تشردوا» من باب «نصر» على زنة تنصروا.

(2) و في المختار: «147» من كتاب نهج البلاغة «حمل كلّ امرئ منكم مجهوده و خفّف عن الجهلة ربّ رحيم و دين قويم و إمام عليم».

(3) كذا في أصلي و الظاهر أنّ قوله: «عازب» مصحّف عن «عاف».

و في نهج البلاغة: «إن تثبت الوطأة في هذه المزلّة فذاك و إن تدحض القدم فإنّما كنّا في أفياء أغصان و مهبّ رياح و تحت ظلّ غمام اضمحلّ في الجوّ متلفّقها و عفا في الأرض مخطّها ...».

(4) أي أيّاما متتابعة و ليالى متوالية. و بعد قوله: «دراكا» كان في أصلي لفظان غير مقروئين و كأنّهما يقرآن: «كمطحرة او لقعة».

و في المعجم الكبير: «جاوركم بدني أيّاما تباعا ثمّ هوى فستعقبون من بعده ...».

و في نهج البلاغة:

«و إنّما كنت جارا [لكم] جاوركم بدني أيّاما و ستعقبون منّي جثة خلاء ساكنة بعد حراك و صامتة بعد نطق ...».

(5) و لفظ الأصل يقرأ: «اطقافي» أو «القافي». و الهدأة و الخفوت: السكون.

و في الكافي «ليعظكم هدوئي و خفوت أطرافي و سكون أطرافي فإنّه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ و القول المسموع ...

و في نهج البلاغة: «ليعظكم هدوئي و خفوت أطرافي و سكون أطرافي فإنّه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ و القول المسموع ...».

(6) ما بين المعقوفين مأخوذ من نهج البلاغة و فيه: «للتلاقي».

و في الكافي: «ودّعتكم وداع مرصد للتلاقي ...».

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:58

لن يحابيني اللّه إلّا أن أتزلّفه بتقوى فيعفو عن فرط موعود.

عليكم السلام إلى اليوم اللزام إن أبق فأنا وليّ دمي و إن أفن فالفناء ميعادي.

العفو لي قربة و لكم حسنة فاعفوا عفا اللّه عنكم أ لا تحبّون أن يغفر اللّه لكم.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:59

موت [أمير المؤمنين] عليّ بن أبي طالب رحمة اللّه عليه

40- حدّثنا الحسين/ 239/ أ/ قال: حدّثنا عبد اللّه حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدّثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال:

ضرب عليّ في رمضان سنة أربعين في تسع عشرة ليلة مضت منه و مات في إحدى و عشرين ليلة مضت من شهر رمضان «1».

______________________________

(1) و هذا هو المعروف عند شيعة أمير المؤمنين عليه السلام و قد روي من عدّة طرق عن حريث بن المخشّ المترجم تحت الرقم: «1173» من كتاب الجرح و التعديل: ج 1، ص 267.

و رواه الحاكم بسنده عنه و حكم بصحّته- و أقرّه الذهبي- في عنوان «ذكر مقتل أمير المؤمنين عليه السلام بأصحّ الأسانيد ...» من كتاب المستدرك: ج 3 ص 143، قال:

حدّثنا الأستاذ أبو الوليد الهيثم بن خلف

الدوري حدّثنا سوار بن عبد اللّه العنبري حدّثنا المعتمر قال:

قال أبي: حدّثنا الحريث بن المخشّ أنّ عليّا قتل صبيحة إحدى و عشرين من [شهر] رمضان قال:

فسمعت الحسن بن عليّ يقول و هو يخطب و ذكر مناقب عليّ فقال:

قتل [أبي في] ليلة أنزل [فيها] القرآن و ليلة أسري بعيسى و ليلة قبض [فيها] موسى. قال: و صلّى عليه الحسن بن عليّ عليهما السلام.

و رواه أيضا بسنده عنه محمد بن سليمان الكوفي المتوفّى بعد سنة: ثلاث مائة في الحديث: «534» من كتاب مناقب عليّ عليه السلام الورق:/ 124/ ب/ قال:

ناولني أحمد بن سليمان [عن] عبد اللّه بن ثمود [كذا] قال: حدّثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن حريث بن المخشّ قال: قتل عليّ صبيحة إحدى و عشرين من رمضان قال:

قال: فسمعت الحسن بن عليّ يخطب و هو يذكر مناقب عليّ [عليه السلام] قال: قتل [أبي] ليلة أسري بعيسى أو بموسى [و] ليلة كذا و كذا ...

[ثمّ قال: و حدّثنا] يوسف بن موسى قال: حدّثنا جرير و عثمان بن أبي شيبة قالا: حدّثنا يعلى بن عبيدة نحوه.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:60

41- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبو عبد اللّه العجلي حدّثنا عمرو بن محمد عن أبي معشر قال:

قتل عليّ رحمه اللّه يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي بالكوفة.

42- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني محمد بن عمرو بن الحكم عن أبي عبد الرحمن الطائي بمثل ذلك، و قال: قتله عبد الرحمن بن يحيى بن عمرو بن ملجم المرادي.

43- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا خلف بن سالم حدّثنا أبو نعيم حدّثنا سليمان بن القاسم

قال: حدّثتني أمّي:

عن أمّ جعفر سريّة عليّ قالت: إنّي لأصبّ على يديه الماء [إذ] أخذ بلحيته فرفعها إلى أنفه [و قال: واها لك] لتخضبنّ [يوم الجمعة] بدم «1». [قالت:] فما مضت الجمعة حتّى أصيب و أصيب يوم الجمعة.

______________________________

- و رواه أيضا أحمد بن جعفر القطيعي كما في الحديث: «67» من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الفضائل ص 37 ط قم قال:

حدّثنا عبد اللّه بن محمد البغوي قال: حدّثنا سوار بن عبد اللّه قال: حدّثنا معتمر قال: قال أبي:

حدّثني حريث بن مخشّ أنّ عليّا قتل صبيحة إحدى و عشرين من شهر رمضان.

و رواه أيضا ابن عساكر بأسانيد عن حريث بن المخشّ و غيره تحت الرقم: «1520- 1524» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 413- 415 ط 2.

(1) ما بين المعقوفين قد شطب في أصلي و لكن السياق يستدعيه.

ثمّ إنّ الحديث رواه أيضا البلاذري تحت الرقم: «547» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 1، ص 435 من المخطوطة و في ط 1، ج 2 ص 501 قال:

حدّثني أبو بكر الأعين و محمد بن سعد قالا: حدّثنا الفضل بن دكين أبو نعيم حدّثنا سليمان بن القاسم الثقفي ...

و الحديث قد رواه أيضا ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 35 ط بيروت عن أبي نعيم: الفضل بن دكين ...

و أيضا روى ابن سعد قبله قريبا منه بسند آخر.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:61

44- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد عن شيخ من الأزد عن عبد الرحمن بن جندب عن

أبيه قال:

قبض عليّ رحمه اللّه يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين.

45- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي قال: حدّثني أبو عبد اللّه الجعفي عن جابر:

عن أبي الطفيل و زيد بن وهب و محمّد بن عليّ و غيرهم أنّ عليّا ضرب لثمان عشرة خلت من شهر رمضان «1» و توفّي في أوّل ليلة من العشر- يعني الأواخر- من شهر رمضان.

46- «46» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا هارون بن معروف حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد: عن عبد اللّه بن سبيع قال: قيل لعلّي: أ لا تستخلف يا أمير المؤمنين؟ قال: لا و لكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول اللّه؟؟ قال: فما تقول إذا لقيت اللّه؟ قال: أقول: اللهمّ تركتني

______________________________

(1) و هذا هو الموافق لما عليه شيعة أهل البيت من أنّه عليه السلام ضرب ليلة التاسع عشر.

و قال أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في فضائل عليّ عليه السلام من كتاب الآحاد و المثاني الورق:/ 14/ أ/ قال:

و قتل [عليّ عليه السلام] في سنة أربعين من مهاجر النّبي صلى اللّه عليه و سلم في شهر رمضان ليلة واحد و عشرين [ضرب] يوم الجمعة و مات يوم الأحد.

و رواه بسنده عنه أبو نعيم الحافظ في فضائل عليّ عليه السلام من كتاب معرفة الصحابة الورق:

/ 21/ أ/.

(46) الحديث ضعيف سندا و متنا أمّا ضعف متنه فلحديث يوم الإنذار و الغدير؛ و الوصاية و غيرها ممّا هو متواتر أو مستفيض بين المسلمين جميعا.

و الحديث رواه ابن عساكر تحت الرقم: (1375) من ترجمة علي من

تاريخ دمشق ج 3 ص 331 عن جرير بن عبد الحميد بسندين عن الأعمش و عن عبد اللّه بن داوود الخريبى عن الأعمش و رواه ابن سعد عن وكيع عن الأعمش عن سالم عن عبد اللّه بن سبع.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:62

فيهم ما بدا لك أن تتركني و توفّيتني و تركتك فيهم فإن شئت أفسدتهم و إن شئت أصلحتهم.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:63

سنّ علي بن أبي طالب رحمه اللّه

47- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا سويد بن سعيد حدّثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:

قتل عليّ و هو ابن ثمان و خمسين و قتل حسين و هو ابن ثمان و خمسين و مات عليّ بن الحسين لها و مات أبي محمد بن عليّ لها.

48- حدّثنا الحسين/ 239 ب/ حدّثنا عبد اللّه حدّثنا الحسين بن عليّ العجلي حدّثنا الحسين بن عليّ الجعفي قال:

سمعت سفيان يسأل جعفر بن محمد: كم كان لعليّ يوم قتل؟ قال:

ثمان و خمسون.

49- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني محمد بن عمرو بن الحكم حدّثنا أبو عبد الرحمن الطائي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:

قتل عليّ و هو ابن سبع و خمسين سنة و ولي خمس سنين و بعث النبيّ و هو ابن سبع سنين.

50- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا محمد بن سعد «1» قال: أخبرنا

______________________________

(1) و روى ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 38 ط بيروت قال:

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عليّ بن عمرو أبو بكر بن أبي سبرة عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل قال:

سمعت محمد ابن الحنفيّة يقول- سنة الجحاف حين دخلت [سنة] إحدى و

ثمانين-: هذه لي خمس و ستّون سنة و قد جاوزت سنّ أبي. قلت: و كم كانت سنّه يوم قتل- يرحمه اللّه-؟ قال: ثلاثا-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:64

محمد بن عمر قال: أخبرنا عليّ بن عمر بن عليّ بن حسين:

عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل قال: قلت لابن الحنفيّة: كم كانت سنّ أبيك حين قتل؟ قال: ثلاثا و ستّين.

51- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبو بكر بن محمد بن هانئ حدّثنا أحمد بن حنبل حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا ابن جريج قال:

أخبرني عمر بن محمد بن عليّ «1» أنّ عليّ بن أبي طالب مات لثلاث- أو أربع- و ستّين سنة أو نحو ذلك.

52- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي عن هشام بن محمد عن أبي عن هشام بن محمد عن أبيه قال:

أخبرني محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب أنّ عليّا قبض و هو ابن ثنتين و ستّين سنة و نصف.

53- «53» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي قال: أخبرنا

______________________________

- و ستّين.

قال محمد بن عمر: و هو الثبت عندنا.

أقول: و رواه البلاذري عن ابن سعد في الحديث «539» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 498 ط 1، باختلاف في بعض الألفاظ و لم يذكر في السند قوله:

«عليّ بن عمر» كما لم يذكر قوله: «قال محمد بن عمر: و هو الثبت عندنا».

و رواه أيضا الخطيب عن ابن أبي الدنيا في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ بغداد: ج 1، ص 136، و ساق الكلام بمثل ما في كتاب الطبقات الكبرى غير أنّه لم يذكر في السند «أبا بكر ابن أبي سيرة» كما لم

يذكر في ذيل الحديث قول الواقدي.

و رواه ابن عساكر عن الخطيب بمثل ما في تاريخ بغداد في الحديث: «14467» من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 3 ص 387 ط 2.

(1) كذا في أصلي و رواه بسنده عن ابن أبي الدنيا الحافظ ابن عساكر في الحديث: «1475» من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج 3 ص 390 ط 2 و قال: أخبرني عمرو عن محمد بن عليّ ...

و رواه في تالييه بسندين آخرين و قال: أخبرني محمد بن عمر بن عليّ ...

(53)- و قريبا منه سندا و متنا رواه أبو الفرج في أوائل مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 27 قال:

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:65

شبابة بن سوار قال: عن قيس بن الربيع [كذا] عن عمرو بن قيس:

عن أبي صادق [قال:] إنّ عليّا قال: و اللّه لقد نهضت في الحرب و أنا ابن عشرين فها أنا ذا اليوم قد نيّفت على الستّين.

54- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: و حدّثت عن يحيى بن عبد اللّه بن بكير قال: أخبرني ليث بن سعد أنّ أبا الأسود حدّثه عن عروة [قال]:

إنّ عليّا أسلم و هو ابن ثمان سنين «1».

قال ابن بكير: فإن كان رسول اللّه أقام بمكّة ثلاث عشرة قبل هجرته إلى المدينة فسنّ عليّ إحدى و ستّون [سنة] و إن كان مقام رسول اللّه/ 240/ أعشر سنين فسنّ عليّ ثمان و خمسين سنة.

______________________________

- و قال [أمير المؤمنين عليه السلام] في خطبته التي حدّثني بها العبّاس بن عليّ النسائي و غيره قالوا: حدّثنا محمد بن حسّان الأزرق قال: حدّثنا شبابة بن سوار قال: حدّثنا قيس بن الربيع عن عمرو بن قيس

الملائي عن أبي صادق أنّه عليه السلام خطب الناس- و قد بلغه خبر غارة الغامدي على الأنبار- فقال في خطبته:

لقد قالت قريش: إنّ ابن أبي طالب رجل شجاع و لكن لا علم له بالحرب. ويحهم و هل فيهم أشدّ مراسا لها منّي و اللّه لقد دخلت فيها و أنا ابن عشرين سنة و أنا الآن قد نيّفت على الستّين و لكن لا رأي لمن لا يطاع.

أقول: و للكلام مصادر و أسانيد يجد الطالب بعضها في شرح المختار: «27» من باب خطب نهج البلاغة و المختار: «318» من كتاب نهج السعادة: ج 2 ص 559 ط 1.

(1) و الحديث رواه أيضا الحافظ ابن عساكر تحت الرقم: «59» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 41، ط 2.

و قد ذكرناه أيضا في تعليقه عن مصادر أخر.

و من أجل أنّ عروة من المنحرفين عن أهل البيت عليهم السلام فلا بدّ من التثبّت في حديثه و عرض حديثه على ما ورد عن غيره من الثقات فليلاحظ ما رواه ابن عساكر تحت الرقم «60- 140» من هذه الترجمة من ص 41- 112، ط 2.

و ليلاحظ أيضا ما رواه في الموضوع محمد بن سليمان الكوفي ثمّ اليمني من أعلام القرن الثالث و الرابع في الحديث: «168- 220» من كتاب مناقب عليّ عليه السلام من الورق: 57- 64- و هو جاهز للطبع بعون اللّه تعالى.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:67

صفة علي [بن أبي طالب] رحمة اللّه عليه

55- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدّثنا حسين بن محمد حدّثنا جرير بن حازم:

عن أبي رجاء العطاردي قال: رأيت عليّ بن أبي طالب رجلا ربعة ضخم البطن عظيم اللحية قد

ملأت [لحيته] صدره، في عينه خفش، أصلع شديد الصلع، كثير شعر الصدر و الكتفين كأنّما اجتاب إهاب شاة «1».

56- حدّثني الحسين قال: حدّثني عبد اللّه قال: حدّثني إبراهيم بن سعيد حدّثنا عفّان حدّثنا أبو عوانة عن مغيرة:

عن قدامة بن عتاب قال: كان عليّ ضخم البطن ضخم مشاشة المنكب ضخم عضلة الذراع دقيق مستدقّها ضخم عضلة الساق دقيق مستدقّها «2».

______________________________

(1) و رواه الحافظ ابن عساكر عن ابن أبي الدنيا في الحديث: «38» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 35.

و خفش العين- على زنة سبب- ضعفها. و اجتاب: لبس. و إهاب الشاة: جلدها أو غير المدبوغ من الجلد.

(2) و هذا رواه أيضا ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى عن عفّان بن مسلم بالسند و المتن و زاد في آخره: قال: [و] رأيته يخطب في يوم من أيّام الشتاء [و] عليه قميص قهز و إزاران قطريّان معتمّا بسبّ كتّان ممّا ينسج في سوادكم.

و رواه عنه الحافظ ابن عساكر في الحديث: «53» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1 ص 39 ط 1.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:68

57- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبو هريرة الصيرفي «1» حدّثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد: عن الشعبي قال:

رأيت عليّا يخطب الناس أبيض الرأس و اللحية عظيم البطن قد أخذت لحيته ما بين منكبيه أصلع على رأسه زغيباة.

58- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال حدّثنا أبو خيثمة حدّثنا جرير عن عبد الملك بن عمير قال: رأيت عليّا أبيض اللحية.

59- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا عبد الرحمن بن صالح حدّثنا

يونس بن بكير عن عنبسة بن الأزهر- و كان على قضاء جرجان و كان من بني عامر بن ذهل- قال: إنّما منع عليّا أن يخضب قول رسول اللّه صلى اللّه عليه:

«يخضب هذه من هذه» و وضع يده على هامته.

______________________________

(1) كلمة «الصيرفي» رسم خطّها غير جلّي كما ينبغي في أصلي و لكن الحديث رواه عن ابن أبي الدنيا الحافظ ابن عساكر تحت الرقم: «39» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 35 ط 2 و رسم خطّها هناك جلّي.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:69

[ما ورد في تبشير رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عليّا عليه السلام بالجنّة]

60- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن القرشي حدّثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن محمد بن إسحاق:

عن سعد بن عبد الرحمن بن أبي أيّوب قال: كنت في حجر جدّتي أمّ أبي ابنة سعد بن الربيع- و كانت عند زيد بن ثابت- فسمعتها تقول: قد رأيتني و أنا جارية شابّة في مال لنا ب «الأسواف» و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عندنا/ 240/ ب/ في نفر من أصحابه إذ قال لنا رسول اللّه: ليدخلنّ عليكم الآن رجل من أهل الجنّة، ثمّ ثنّا رسول اللّه ظهره ثمّ قال: كن عليّا: قالت: فطلع عليّ يفرج عنه له الجريد «1» و الذي نفس أمّ سعد بيده لكأنّ وجهه ليلة البدر.

______________________________

(1) لعل هذا هو الصّواب، و كان كاتب الأصل كتب أوّلا: «عنه الجريد» ثمّ شطب على لفظه «عنه» و كتب بدلها «له». و كتب فوق عنه المشطوب (ص).

و الحديث رواه الطبري بسند آخر عن أمّ خارجة عن أمّ مرثد في عنوان: «غرائب نساء العرب اللواتي عشن بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و

سلم فروين عنه» من كتاب الذيل المذيّل- كما في منتخبه ص 625- قال:

حدّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدّثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة الحرّاني عن محمد بن مسلمة عن أبي عبد الرحيم بن العلاء عن محمد بن عبد اللّه بن أبي صعصعة عن أبيه:

عن أمّ خارجة بنت سعد بن الربيع عن أمّ مرثد- و كانت ممّن بايعن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- قالت: خرجنا معه فقال: أوّل من يشرف عليكم رجل من أهل الجنّة. [قالت:] فأشرف عليّ عليه السلام.

و رواه كلّ من ابن الأثير و ابن حجر في ترجمة أمّ خارجة من كتاب أسد الغابة: ج 5 ص 578 و 618 ط 1 و في كتاب الإصابة: ج 4 ص 446.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:70

______________________________

و رواه أيضا محمد بن سليمان في الحديث: (145) في أواسط الجزء الثاني من كتاب مناقب عليّ عليه السلام الورق:/ 52/ أ/ قال:

حدّثنا عثمان بن سعيد قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه المروزي قال: حدّثنا محمد بن حميد قال: حدّثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبد الرحمن مولى أبي أيّوب قال: سمعت جدّتي أمّ أبي سعد بن الربيع تقول: كان النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم في مالي في «الأسواف» فقال:

ليدخلنّ [الآن] عليكم رجل من أهل الجنّة. ثمّ جعل يتطأطأ من تحت الجريدة حتّى ظننت أنّ عثنونه قد وقع في الارض حتّى كشف الجريدة عن عليّ كأنّ وجهه القمر ليلة البدر.

و ليلاحظ الحديث: «833» و تعليقاته من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 318، ط 2.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:71

[ما ورد حول حسن وجهه الكريم و قامته الميمونة]

61- حدّثنا الحسين

حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني محمد بن فراس الضبعي حدّثنا عبد اللّه بن داوود حدّثنا مدرك أبو الحجّاج قال: رأيت عليّ بن أبي طالب يخطب و كان من أحسن الناس وجها «1».

62- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أحمد بن يحيى قال:

حدّثني بهلول الكندي:

عن أبي إسحاق قال: كنت مع أبي يوم الجمعة فقال لي [أبي]: أ لا أريك عليّا أمير المؤمنين؟ قلت: بلى فحملني فرأيته على المنبر أصلع له بطن.

63- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني العبّاس بن هشام بن محمد عن أبيه عن جدّه قال:

حدّثتني أمّي عائشة بنت عبيد قالت: رأيت عليّ بن أبي طالب فرايت رجلا ربعة عظيم البطن بعيد ما بين المنكبين عظيم الهامة أخفش العين أرشح «2».

64- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني محمد بن عبّاد بن موسى حدّثنا زيد بن الحباب عن محمد بن جابر:

______________________________

(1) و هذا رواه عن ابن أبي الدنيا الحافظ ابن عساكر في الحديث: «57» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 40 قال: قال ابن أبي الدنيا: حدّثني أبو هريرة أنبأنا عبد اللّه بن داوود ...

(2) أخفش العين: ضعيف العين، أرشحها: أنداها و أعرقها. فان صح الحديث فلعله كان موقتا بسبب بعض العوارض.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:72

عن أبي إسحاق قال: رأيت عليّا أبيض الرأس و اللحية و عليه قميص قهز و إزار ذبيني، الرّداء «1» فوق القميص و القميص من فوق الإزار.

______________________________

(1) ن: الردي.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:73

غسل عليّ و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه رضوان اللّه عليه

65- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا عبد الرحمن بن صالح حدّثنا عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي «1» عن إسماعيل بن أبي خالد:

عن عامر [الشعبي] أنّ عليّا

أوصى الحسن أن يغسله و قال [له]: لا تغالي في الكفن فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله و سلّم] يقول: «لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا» و امشوا بي بين المشيين لا تسرعوا بي و لا تبطئوا بي فإن كان خيرا/ 241/ أ/ عجّلتموني إليه و إن كان شرّا ألقيتموه عن أكتافكم «2».

66- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي قال: حدّثني أبو عبد اللّه الجعفي:

عن جابر عن محمد بن عليّ و أبي الطفيل أنّ الحسن بن عليّ غسل عليّا بيده و كفّنه في قميص و لفّافتين و أخذه من ناحية القبلة و أسند سبع لبنات.

67- «67» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبو عبد الرحمن القرشي

______________________________

(1) هو من رجال البخاري و أبي داوود و النسائي مترجم في كتاب تهذيب التهذيب: ج 8 ص 111.

(2) هذا البيان يلائم حال سادات الشعبي مختلق الحديث أمثال معاوية و عبد الملك بن مروان و شجرتهم الملعونة في القرآن و لا يعقل ملائمة هذا البيان لحال من جعله اللّه قسيم الجنّة و النار و محور الحقّ و مركز الحقيقة و جعل حبّه إيمانا و بغضه كفرا و نفاقا فالحديث ضعيف و مردود لضعف الشعبي و لا حاجة للتكلّم في حال بقيّة رواته.

(67)- و الحديث رواه ابن عساكر تحت الرقم (1431) من ترجمة علي من تاريخ دمشق 3/ 374 ط 2 ثمّ

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:74

حدّثنا عبيدة بن الأسود [بن سعيد] الهمداني «1» عن عبد السلام بن أبي المسلي عن بيان.

عن الشعبي أنّ الحسن بن عليّ صلّى على عليّ فكبّر عليه أربعا «2»

______________________________

- إنّي

ما وجدت ترجمة لأبي عبد الرحمن القرشي بسنده عن ابن أبي الدنيا، و رواه ابن سعد/ بسنده عن عبد اللّه بن نمير عن عبد السلام رجل من بني مسيلمة ج 3 ص 37.

(1) ما بين المعقوفين مأخوذ من ترجمة الرجل من كتاب تهذيب التهذيب: ج 7 ص 86.

و رواه أيضا المحاملي بسنده عن زيد بن أرقم في الجزء الثالث من أماليه الورق/ 28/ ب/ قال:

حدّثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان عن عبد العزيز بن حكيم قال:

صلّيت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبّر خمس تكبيرات قال: و حدّثني رجل أنّه سمعه يقول: هذه صلاة رسول اللّه.

(2) هذا المتن بهذا السند غير حجّة لمجهوليّة غير واحد من رجاله و لمجروحيّة الشعبي و لو لم يكن فيه إلّا الشعبي لكان كافيا لوهنه و ضعفه لأنّه صار من أعضاد الظالمين و مرتزقة الطغاة و الغاصبين من بني أميّة و بنى مروان.

ثمّ إنّ المستفاد من أحاديث صحيحة واردة في صحاح القوم أنّ العدد المشروع من تكبيرات صلاة الميّت هو خمس تكبيرات و أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يكبّر في صلاته على الاموات خمس تكبيرات و قد روى أحمد بن حنبل بأسانيد عن زيد بن أرقم أنّه صلّى على جنازة فكبّر خمسا فسألوه عن ذلك فقال: صلّيت خلف أبي القاسم خليلي صلّى اللّه عليه و سلم فكبّر خمسا فلا أتركها أبدا.

فلاحظ مسند زيد من مسند أحمد: ج 4 ص 37 ط 1، و قريبا منه رواه أيضا عن زيد في ص 367 و 372.

و رواه أيضا كلّ من الترمذي و أبي داوود و النسائي و مسلم و ابن ماجة في كتاب الجنائز من

سننهم بسند صحيح عن زيد بن أرقم فراجع كتاب الجنائز من السنن المذكورة.

و انظر أيضا كتاب الجنائز من سنن البيهقي ج 4 ص 36 و انظر أيضا كتاب المنتقى: ج 2 ص 86 و شرح كتاب معاني الآثار: ج 1، ص 493- 494 و كتاب المصنّف. لابن أبي شيبة: ج 3 ص 303 ط و ممن رواه من الصحابة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم عمرو بن عوف الصحابي كما رواه بسنده عنه ابن ماجة في كتاب الجنائز تحت الرقم: (1576) من سننه: ج 1، ص 483 ط دار الفكر ببيروت قال:

حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدّثنا إبراهيم بن عليّ الرافعي عن كثير بن عبد اللّه عن أبيه عن جدّه [عمرو بن عوف] أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كبّر [على الجنائز] خمسا.

أقول: ما بين المعقوفين زدناه بقرينة عنوان ابن ماجة: «باب ما جاء فيمن كبّر خمسا».

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:75

______________________________

- و أيضا رووا عن الصحابيّ الكبير حذيفة بن اليمان أنّه صلّى على جنازة فكبّر خمسا ثمّ التفت إلى الناس و قال: ما وهمت و لا نسيت و لكنّي كبّرت كما كبّر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.

فراجع شرح معاني الآثار: ج 1، ص 494 و المنتقى: ج 2 ص 86 و مصنّف ابن أبي شيبة: ج 3 ص 303.

و أيضا رووا عن عيسى البزّار المدائنيّ مولى حذيفة أنّه صلّى على جنازة فكبّر خمسا ثمّ التفت إلى من خلفه فقال: ما نسيت و لا وهمت و لكن كبّرت كما كبّر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلّى على جنازة فكبّر خمسا.

هكذا رواه

بسنده عنه الخطيب في ترجمته تحت الرقم: «5840» من تاريخ بغداد: ج 11، ص 142.

و الآثار الواردة في هذا المعنى كثيرة و كلّها دالّة على أنّ الذي شرّعه اللّه تعالى و عمل به رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم هو خمس تكبيرات.

و أخرج ابن الأعرابي في كتاب معجم الشيوخ الورق 125:/ ب/ أنّ سفيان الثوري صلّى على جنازة فكبّر الإمام أربعا فكبّر [سفيان] الخامسة.

و قال الترمذي بعد ما روى حديث زيد بن أرقم في كتاب الجنائز من سننه: ج 2 ص 244:

حديث زيد بن أرقم حديث حسن صحيح و قد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا من أصحاب النّبي و غيرهم و رأوا التكبير على الجنازة خمسا.

و قال أحمد و إسحاق: إذا كبّر الإمام على الجنازة خمسا فإنّه يتبع الإمام.

و ممّا يؤكّد الأخبار المذكورة و يشرح الواقع من أنّ المشروع من تكبيرات صلاة الميّت إنّما هو خمس و أنّ النقص إنّما سرى فيها بعد أيّام النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم باجتهاد من عمر بن الخطّاب- كعشرات أخر من اجتهاداته في مقابل نصوص الشريعة- ما رواه العسكري في كتاب الأوائل: ج 1، ص 240 قال:

إنّ أوّل من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات هو عمر بن الخطّاب و ليراجع ما رواه عبد الرزّاق في الجنائز من المصنّف: ج 3 ص 479 ط 1.

و ليلاحظ أيضا ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة في كتاب المصنّف: ج 3 ص 301- 302- ط 1.

و ليراجع أيضا ما جاء في شرح كتاب معاني الآثار: ج 1، ص 495- 496.

و ليحقّق ما رواه المتّقي الهندي في كتاب كنز العمّال: ج 8 ص

113، و ما أورده ابن الأثير في كتاب الكامل: ج 3 ص 23.

هذا كلّه حول أصل تشريع التكبيرات في صلاة الميّت مع قطع النظر عن ضعف الحديث الذي أورده المصنّف هاهنا و مع قطع النظر عن كونه معارضا بما هو أرجح منه و لو فرض أنّ متعنّتا يعترض و يقول:

الحديث في حدّ ذاته واجد لشرائط الحجّية و أنّ الشعبي و جهالة بعض رواته لا يضرّان صحّة-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:76

______________________________

- الحديث. فيجاب هذا المتعنّت أنّ هذا الحديث و ما هو بسياقه لا يمكن الأخذ به و لا الإذعان بتصديق مدلوله لمعارضته لما هو أقوى منه في خصوص المورد الدال على حدوث القضيّة و وقوع الحادثة على نهج آخر و ذلك لما رواه جماعة القضيّة على ما يلي:

قال الطبري في سياق أخبار وفاة أمير المؤمنين من تاريخه: و غسّله ابناه الحسن و الحسين و عبد اللّه بن جعفر و كفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و كبّر عليه [الحسن] عليه السلام تسع تكبيرات.

و روى الطبراني بسند آخر في ترجمة أمير المؤمنين من كتابه المعجم الكبير: ج 1، الورق 11/ ب/ و في ط 1 ج 1 قال:

حدّثنا أحمد بن عليّ الأبّار حدّثنا أبو أميّة عمرو بن هشام الحرّاني حدّثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي حدّثنا إسماعيل بن راشد قال:

قبض عليّ رضي اللّه عنه في شهر رمضان في سنة أربعين و غسّله الحسن و الحسين و عبد اللّه بن جعفر و كفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و كبّر عليه الحسن تسع تكبيرات.

و رواه عنه أبو نعيم في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب معرفة الصحابة الورق 21/ أ/.

و الحديث قد كان مشتملا

على مطالب جمّة من قضايا أمير المؤمنين ذكرنا منها محلّ شاهدنا منه فقط و من أراد المزيد فليراجع المعجم الكبير.

و رواه أيضا الهيثمي نقلا عن الطبراني و قال: هو مرسل و إسناده حسن كما في كتاب مجمع الزوائد: ج 9 ص 144.

و قال اليعقوبي في ختام ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخه: ج 2 ص 202 ط 2 قال:

و غسله ابنه الحسن بيده و صلّى عليه و كبّر عليه سبعا و قال: أما إنّها لا تكبّر على أحد بعده.

و دفن بالكوفة في موضع يقال له: «الغريّ» و كانت خلافته أربع سنين و عشرة أشهر.

أقول: هكذا جاء في الأصل المطبوع من تاريخ اليعقوبي و بظنّي أنّ لفظة: «سبعا» مصحّفة عن لفظة:

(تسعا).

و قريب منه جاء أيضا في الباب السادس من كتاب الإتحاف بحبّ الأشراف ص 73 ط مصر.

و روى أبو الفرج في أواخر مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 4 ط مصر قال:

حدّثني أحمد بن عيسى حدّثنا الحسين بن نصر قال: حدّثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن فضيل بن خديج عن الأسود الكندي و الأجلح قالا:

توفّي أمير المؤمنين عليّ عليه السلام- و هو ابن أربع و ستّين سنة- سنة أربعين في ليلة الأحد لإحدى و عشرين ليلة مضت من شهر رمضان و ولّي غسله ابنه الحسن بن عليّ و كفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و كبّر عليه خمس تكبيرات و دفن في الرحبة مما يلي أبواب كندة عند صلاة الصبح.-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:77

______________________________

- و مثله رواه أيضا الدينوري في كتاب الأخبار الطول ص 216.

ثمّ إنّ في المقام خصوصيّة أخرى تعارض أيضا الحديث

الذي ذكره المصنّف هاهنا- و كذا ما أورده غيره على سياقه- و هو أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان من أكبر أصحاب رسول اللّه البدريّين و من المتسالم عليه عندهم- حتّى بعد إسقاط عمر بن الخطّاب التكبير الخامس- أنّهم كانوا يكبّرون على أصحاب بدر خمس تكبيرات كما يوضح ذلك ما رواه أبو عمر و ابن حجر في ترجمة سهل بن حنيف الأنصاري من كتاب الإستيعاب و الإصابة و تهذيب التهذيب أنّ أمير المؤمنين عليه السلام صلّى عليه و كبّر خمس أو ستّ تكبيرات ثمّ لأجل عدم توحّش العمريين الحاضرين التفت إلى الناس و قال: إنّه بدريّ.

و من أراد المزيد فعليه بما رواه عليّ بن طاوس في آخر كتاب الطرائف ص 551 ط 2 و بما علّقناه على الحديث: «1429» من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 3 ص 371 ط 2.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:79

موضع دفن عليّ رحمة اللّه عليه

68- «68» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد قال: قال لي أبو بكر بن عيّاش: سألت أبا حصين و عاصم بن بهدلة و الأعمش و غيرهم فقلت: أخبركم أحد أنّه صلّى على عليّ أو شهد دفنه؟ قالوا:

لا. فسألت أباك محمد بن السائب فقال: أخرج به ليلا خرج به الحسن و الحسين و ابن الحنفيّة و عبد اللّه بن جعفر و عدّة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة. قال [أبو بكر]: فقلت لأبيك: لم فعل به ذلك؟ قال: مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم «1».

______________________________

(68)- و هذا رواه بلفظ آخر و بسند آخر أبو الفرج في أواسط مقتل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 42 قال:

حدّثني أحمد

بن سعيد قال: حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي قال: حدّثنا يعقوب بن زيد قال: حدّثني ابن أبي عمير عن الحسن بن عليّ الخلّال عن جدّه قال:

قلت للحسن بن عليّ: أين دفنتم أمير المؤمنين؟ قال: خرجنا به ليلا من منزله حتّى مررنا به على مسجد الأشعث حتّى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغريّ [فدفنّاه فيه].

(1) رواه مع التالي الحافظ ابن عساكر بإسناده عن ابن أبي الدنيا في الحديث: «1438» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 376 ط 2.

و الذي رواه ابن أبي الدنيا هاهنا عن محمد بن السائب ممّا أجمع عليه أئمّة أهل البيت عليهم السلام مع تشريحهم و تفسيرهم ظهر الكوفة بالنجف و عليه شيعتهم خلفا عن سلف.

و قد أقرّ به أيضا جماعة من منصفي أهل السنّة فقد روى أبو الفرج ابن الجوزي- و هو تيمي متعصّب- في ترجمة أبي الغنائم: محمد بن عليّ بن ميمون النرسي من كتاب المنتظم: ج 9 ص 189، قال:

توفّي أبو الغنائم هذا في سنة عشر و خمس مائة و كان محدّثا من أهل الكوفة ثقة حافظا و كان من قوّام الليل-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:80

69- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: و حدّثت عن إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدّثني حسين بن زيد قال:

حدّثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: صلّى الحسن بن عليّ على عليّ و دفن بالكوفة عند قصر الإمارة ليلا و غبي دفنه «1».

70- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثنا محمد بن سعد «2» [قال:] حدّثنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد اللّه عن إسحاق بن عبد اللّه قال:

قلت لأبي جعفر: أين دفن عليّ؟ قال:

بالكوفة ليلا و قد غبي دفنه.

71- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي قال: حدّثني أبو عبد اللّه الجعفي:

عن أبي الطفيل أنّ الحسن بن عليّ صلّى على عليّ و دفنه في الرحبة.

______________________________

- و من أهل السنّة و كان يقول: ما بالكوفة من هو على مذهب أهل السنّة و أصحاب الحديث غيري.

و كان يقول: مات بالكوفة ثلاث مائة صحابيّ ليس قبر أحد منهم معروفا إلّا قبر أمير المؤمنين [عليّ بن أبي طالب] و هو هذا القبر الذي يزوره الناس الآن جاء جعفر بن محمد عليه السلام و أبوه محمد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام فزاره و لم يكن إذ ذاك قبرا معروفا ظاهرا و إنّما كان سرح عضاء حتّى جاء محمد بن زيد الداعي صاحب الديلم فأظهر القبر.

و أيضا ذكر ابن الجوزي شواهد أخر لمعروفيّة قبر أمير المؤمنين عليه السلام بالنجف في طول الأزمان السالفة فلاحظ كتاب المنتظم: ج 9 ص 35 و ج 8 ص 57 و 105، و 146، ج 7 ص 149 و 256.

و ليلاحظ أيضا كتاب فرحة الغريّ و كذا ما أورده ابن أبي الحديد في شرح المختار: «69» من كتاب نهج البلاغة: ج 6 ص 122.

(1) الظرف أعني قوله: «عند قصر الإمارة» ينبغي أن يكون قيدا و متعلّقا لقوله: «صلّى» فقط و به يحصل التوافق بينه و بين الحديث المتقدّم و ما عليه أئمّة أهل البيت و شيعتهم و إلّا فلا يصلح هذا الحديث لمعارضة ما أجمع عليه أئمّة أهل البيت و شيعتهم خلفا عن سلف.

مع أنّ الحديث ضعيف من جهة مجهوليّة من حدّث المصنّف عن أبي إسحاق إبراهيم بن المنذر

الحزامي.

و إبراهيم الحزامي أيضا مجروح عند أحمد بن حنبل لأنّه لم يردّ عليه السلام لأجل خلطه بالقرآن كما في ترجمته من كتاب تهذيب التهذيب: ج 1، ص 167.

(2) لم أجد الحديث في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:81

72- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي رحمه اللّه عن هشام بن محمد عن شيخ من الأزد:

عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه أنّ الحسن بن عليّ صلّى على عليّ و دفنه في الرحبة ممّا يلي/ 242/ ب/ أبواب كندة قبل أن ينصرف الناس من صلاة الفجر.

73- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني الحارث بن محمّد التميمي «1» حدّثنا داوود بن المحبّر حدّثنا المحبر بن قحذم عن مجالد بن سعيد:

عن الشعبي قال: أمر الحجّاج بن يوسف ببناء القبّة التي بين يدي المسجد بالكوفة فلمّا حفروا أساسها هجموا على جسد طريّ فإذا به ضربة على رأسه طريّة فلمّا نظروا إليه قالوا: هذا عليّ بن أبي طالب. فأخبر الحجّاج بذلك فقال: من يخبرني عن هذا؟ فجاءه عدّة من مشيخة الكوفة فلمّا نظروا إليه قالوا: هذا عليّ بن أبي طالب. قال: فقال الحجّاج: أبو تراب لأصلّبنّه!

قال: فقال له ابن أمّ الحكم: أذكّرك اللّه أيّها الأمير أن تلقي هذه الثائرة «2» بيننا و بين إخواننا من بني هاشم. قال: فقال له الحجّاج: فما تخشى؟

أ تخشى أن يؤتى جسدك بعد موتك فيستخرج؟ مرهم أن يدفنوك حيث لا يعلم بك.

قال: فقال له ابن أمّ الحكم: و اللّه ما أبا لي إذا أتي جسدي «3» فأستخرج

______________________________

(1) هذه اللفظة رسم خطّها غير واضح و وضع في أصلي إشارة إلى ما كتب في هامشه بمقدار سطر

يساوي «16» كلمة تقريبا و هذا انصّه: قال أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي حدّثنا الحرث بن محمد التميمي بهذا الحديث و قرأته على ابي علي البرذعي [ظ] عن الحرث بن محمد التميمي.

(2) الثائرة: الضجة و الشغب. و يحتمل أن يقرأ: النائرة. و هي العداوة و الشحناء.

(3) رسم الخطّ في أصلي غير جلّي.

و الحديث أورده الخطيب بنحو آخر و سند آخر في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ بغداد: ج 1، ص 137.

و رواه بسنده عنه ابن عساكر تحت الرقم: «1436» من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 3 ص 375 ط 2.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:82

جسدي كان أم جسد غيري إذا قيل: هذا جسد فلان؟؟

فأمر الحجّاج بحفائر حفرت من النهار ثمّ أمر بجسد عليّ فحمل على بعير و أطرافه تنشل فخرج به ليلا فدفن في ناحية أخرى حيث لا يعلم به.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:83

أمر ابن ملجم و قتله

74- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدّثنا أبو أسامة قال: حدّثني أبو طلق عليّ بن حنظلة بن نعيم عن أبيه قال:

لمّا ضرب ابن ملجم عليّا قال: احبسوه فإنّما هو جرح فإن برأت امتثلت «1» أو عفوت و إن هلكت قتلتموه.

فجعل عليه عبد اللّه بن جعفر و كانت أمّ كلثوم بنت عليّ تحته فقطع يديه و فقأ عينيه و قطع رجليه و جدّعه و قال له: هات لسانك. فقال له: إذ صنعت ما صنعت فإنّما تستقرض في جسدك أمّا لساني ويحك فدعه أذكر اللّه به/ 242/ أ/ فإنّي لا أخرجه لك أبدا. فشقّ لحييه و أخرج لسانه من بين لحييه فقطعه و حمى مسمارا ليفقأ به عينيه فقال [له ابن ملجم]:

إنّك لتكحل عمّك بملمول ممضّ «2».

فجاءت أمّ كلثوم تبكي و تقول: يا خبيث و اللّه ما ضرّت [ضربتك]

______________________________

(1) الامتثال: الاقتصاص من الجاني و أخذ القود منه.

(2) الملمول- بضمّ الميم فسكون اللام فميم مضمومة-: المرود الذي يكتحل به سمّي بذلك لتقلبه في العين عند ما يكتحل به. و ممضّ اسم فاعل بمعنى محرق و موجع من قولهم: أمضّني كلام فلان: أي أوجعني و أحرقني.

و الحديث رواه ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 39 ط بيروت و فيه: «بملمول مضّ».

و رواه أيضا البلاذري تحت الرقم: «559» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 504 ط 1، و فيه: «بملمول له مضّ [بملمول ممضّ «خ»].

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:84

أمير المؤمنين «1» فقال [ابن ملجم]: أ عليّ يا أمّ كلثوم تبكين؟ أما و اللّه ما خانني سيفي و لا ضعف ساعدي.

______________________________

(1) ما بين المعقوفين زيادة منّا يقتضيها السياق و لكن لفظة (ما ضرّت) رسم خطّها غير واضح ثم إنّه غير خفيّ أنّ ما في هذا الحديث و الحديث التالي من تعذيب ابن ملجم بأنحاء التعذيبات غير ملائم لما كان اللّه تعالى فطر عليه أهل بيت نبيّه عليه من التخلّق بأحسن المكارم و أحلى المحاسن و لم يعهد منهم في مورد أن يأتوا بما يأتي به الغوغاء و الأناس العاديّون لا سيّما في مثل المقام حيث نهاهم أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّته المستفيضة إليهم- كما يأتي ذكر محلّ الشاهد منها- عن المثلة فما في هذا الحديث و أمثاله لا يمكن صدوره منهم و لعلّه من مفتريات الخوارج إعظاما لشأن أشقى البريّة ابن ملجم

و تخفيضا لمعالي أهل بيت النبوّة.

و يحتمل أيضا أن يكون أمثال الحديث من مفتريات بني أميّة لتدنيس ساحة أهل البيت عليهم السلام.

و حيث لم يكن حين تحقيق هذا المقام بمتناولي كتب الرجال بقدر الكفاية فعلى القرّاء البحث الكافي حول رجال الحديثين و رواتهما فلعلّ بعضهم من الخوارج أو النواصب.

ثمّ لو فرض أنّ رواة الحديثين غير معدودين في الخوارج و النواصب فالحديث و ما بسياقه لا يكونان حجّة و يسقطان بمعارضتهما بما هو أقوى منهما مما تصدّقه القرائن مثل الحديث: «83» الدالّ بالصراحة على أنّ الإمام الحسن قتل ابن ملجم بيده لا سيّما إذا يلاحظ رواية الطبري و أبي الفرج و غيرهما حيث ساقوا القضيّة بأنّه بعد شهادة أمير المؤمنين أمر الإمام الحسن عليه السلام بإحضار الشقيّ ابن ملجم فأحضروه فجرى بينه و بين الإمام الحسن محاورة و كلام و كيف يمكن لمن قطعت يداه و رجلاه و فقئت عيناه و استقرض جسده و أخرج لسانه من بين لحييه- على ما هو صريح هذا الحديث و تاليه- كيف يمكن أن يبقى حيّا، و لو فرض بقاؤه حيّا كيف يمكن أن يتكلّم و لا لسان له؟؟

و من قطعت يداه و رجلاه كيف يمكن أن يذهب إلى معاوية و يقتله ثمّ يرجع و يضع يده في يد الإمام الحسن كي يرى فيه رأيه؟؟؟

و حيث إنّ رواية الطبري عند الكثيرين تكون أوثق و تاريخه أيسر تناولا من كتب غيره نذكر لفظ الحديث و مورد شاهدنا منه و نكتفي به قال في أواخر ما أورده حول شهادة أمير المؤمنين عليه السلام ما لفظه:

و قد كان عليّ [عليه السلام] نهى الحسن عن المثلة و قال: يا بني عبد المطلّب لا ألفينّكم

تخوضون دماء المسلمين تقولون: «قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين» ألا لا يقتلنّ إلّا قاتلي.

انظر يا حسن إذا أنا متّ من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة و لا تمثّل بالرجل فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم يقول: إيّاكم و المثلة و لو بالكلب العقور.

فلمّا قبض عليه السلام بعث الحسن إلى ابن ملجم [فأحضر] فقال للحسن: هل لك في خصلة!؟ إنّي و اللّه ما أعطيت اللّه عهدا إلّا وفيت به إنّي كنت قد أعطيت اللّه عهدا عند الحطيم أن أقتل عليّا-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:85

75- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدّثنا عبد اللّه بن سعيد عن زياد بن عبد اللّه حدّثنا ابن إسحاق قال:

حدّثني زيد بن عبد اللّه بن سعد قال:

حدّثني عبد اللّه بن أبي رافع قال: عذّبنا ابن ملجم بعد موت عليّ بكلّ عذاب خلقه اللّه فو اللّه ما تكلّم حتّى دخل غلام ابتاعه عبد اللّه بن أبي رافع قبل موت عليّ فدخل به على عليّ فقال [عليّ]: ما هذا؟ [ما هذا] إلّا خنزير. قال:

فألححنا عليه خنزير «1» فقال: خلّوا عنّي و عنه. و كان اسم الغلام سعدا فأخذ بأنفه فعضّه فصاح صياحا ما سمعنا بمثله قطّ فقلنا خلّوا بينه و بين خنزير.

و أخذ عبد اللّه بن جعفر ابن ملجم فقطع يده و رجله و كحّل عينيه بمسمار من حديد فجعل ابن ملجم يقول لابن جعفر: إنّك لتكحل عمّك بملمول ممضّ.

ثمّ أمر به فعولج عن لسانه ليقطع فجزع و قبل ذلك لم يكن يجزع فقالوا له: يا عدوّ اللّه قطعنا يديك و رجليك و سملنا عينيك فلم تجزع فلمّا أردنا قطع لسانك

جزعت! قال: لا و اللّه ما أجزع من قطع لساني و لكن أجزع أن أكون في الدنيا فواقا لا أذكر اللّه فيه؟ فقطعوا لسانه ثمّ حرّقوه بالنار و هو حيّ.

فقال [عمران] بن حظان [الخارجي] في ذلك/ 242/ ب/:

إنّي لأذكره حينا فأحسبه أوفى البريّة عند اللّه ميزانا

يا ضربة من تقيّ ما أراد بهاإلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا قال: و زاد ابن عنوة:

يا نفس هل لك في دار ترين بهامحمدا و أبا بكر و عثمانا

______________________________

- و معاوية أو أموت دونهما فإن شئت خلّيت بيني و بينه و لك اللّه عليّ إن لم أقتله أو قتلته ثمّ بقيت أن آتيك حتّى أضع يدي في يدك.

فقال له الحسن: أما و اللّه حتّى تعاين النار فلا. ثمّ قدّمه فقتله ثمّ أخذه الناس فأدرجوه في بواري ثم أحرقوه بالنار.

(1) و هاهنا رسم الخطّ غير جلّي في أسطر من أصلي.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:86

فقالت له الحرورية: تذكر هذا مع هؤلاء! فقال: لا تعجلوا ثمّ قال:

الخير في دفق الأخيار كلّهم أعني ابن مظعون لا أعني ابن عفّانا 76- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا سعيد بن يحيى الأموي قال:

أنشدني أبي لابن حطّان [الخارجي] في ابن ملجم:

و لم أر مهرا ساقه ذو سماحةكمهر قطام بين غير معجّم «1»

ثلاثة آلاف و عبد و قينةو ضرب عليّ بالحسام المصمّم

فلا مهر أغلا من عليّ و إن غلاو لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم 77- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني إبراهيم بن سعيد حدّثنا الفضل بن دكين حدّثنا حفص بن حمزة القرشي قال: سمعت جدّتي بكرة بنت كليب [تذكر]:

عن عبد اللّه جدّي- و كان مؤذّنا لعليّ- [قال]: إنّ الحسن بن عليّ أمر بقتل عبد

الرحمن بن ملجم فقتل ثمّ أدرج في بورياء فأحرق «2».

______________________________

(1) كذا في أصلي و مثله رواه الحاكم و نسبها إلى الفرزدق كما في كتاب المستدرك: ج 3 ص 143، و في تاريخ الطبري و مقاتل الطالبيين و الإستيعاب:

«كمهر فطام من فصيح و أعجم» و الأبيات رواها أبو عمر بتقديم و تأخير في آخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الإستيعاب بهامش: ج 3 ص 62 ثمّ قال: و قال أبو بكر ابن حمّاد التاهرتي معارضا له في ذلك:

قل لابن ملجم و الأقدار غالبةهدمت ويلك للإسلام أركانا

قتلت أفضل من يمشي على قدم و أوّل الناس إسلاما و إيمانا

و أعلم الناس بالقرآن ثمّ بماسنّ الرسول لنا شرعا و تبيانا

صهر النبيّ و مولاه و ناصره أضحت مناقبه نورا و برهانا

(2) و يدلّ على هذا المعنى أحاديث كثيرة منها ما تقدّم عن المصنّف تحت الرقم: «25».

و منها ما رواه أحمد بن حنبل في أوائل مسند أمير المؤمنين عليه السلام تحت الرقم: «713» من كتاب المسند: ج 1، ص 93 ط 1، قال:

حدّثنا أبو أحمد حدّثنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي تحيا قال:

لمّا ضرب ابن ملجم عليّا الضربة قال عليّ: افعلوا به كما أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم أن-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:87

78- «78» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني إبراهيم بن سعيد حدّثنا أبو أحمد حدّثنا فطر:

______________________________

- يفعل برجل أراد قتله فقال: اقتلوه ثمّ حرّقوه.

و رواه عنه الهيثمي في فضائل عليّ عليه السلام من كتاب مجمع الزوائد: ج 9 ص 145، ثمّ قال:

و فيه عمران بن ظبيان وثّقه ابن حبّان و غيره و بقيّة رجاله ثقات.

و رواه أيضا بسنده عن

أحمد ابن عساكر في الحديث: «1423» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 367 ط 2.

و رواه أيضا من طريق آخر تحت الرقم: «1411» من الترجمة: ج 3 ص 357 ط 2 قال:

أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس [الفقيه] أنبأنا أبو العباس أنبأنا أبو محمد ابن أبي نصر أنبأنا خيثمة أنبأنا إسحاق بن سيّار أنبأنا أبو علقمة عن سفيان عن عمران بن ظبيان:

عن حكيم بن سعد أنّه قيل لعلّي: لو علمنا قاتلك لأبرنا عترته. فقال: مه [مه] ذلكم الظلم النفس بالنفس و لكن اصنعوا [به] ما صنع بقاتل النبيّ قتل ثمّ أحرق بالنار.

و الحديث صحّحه أحمد محمد شاكر في تعليقه على الحديث من مسند أحمد: ج 2 ص 93 ط 2.

و رواه أيضا الطبري و صحّحه و ذكر شواهده في الحديث السادس من كتاب مسند عليّ عليه السلام من كتاب تهذيب الآثار: ج 1، ص 70 ط 1، قال:

حدّثني أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي قال: حدّثنا يحيى بن إسحاق البجلي قال: أخبرنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي تحيا [حكيم بن سعد] قال:

لمّا أتي عليّ بابن ملجم قال: اصنعوا به كما صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم برجل جعل له أن يقتله فقال: اقتلوه و حرّقوه.

و رواه أيضا الحاكم في عنوان: «مقتل أمير المؤمنين ...» من كتاب المستدرك: ج 3 ص 144، قال:

حدّثنا الوليد حدّثنا الهيثم بن خلف حدّثنا محمود بن غيلان حدّثنا أبو أحمد الزبيري حدّثنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي تحيا قال:

لمّا جاءوا بابن ملجم إلى عليّ قال: اصنعوا به ما صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم

برجل جعل له على أن يقتله فأمر [به] أن يقتل و يحرق بالنار.

فأخبرني أبو العبّاس محمد بن أحمد المحبوبي حدّثنا أحمد بن سيّار الإمام حدّثنا رافع بن حرب الليثي حدّثنا حكيم بن زيد عن أبي إسحاق الهمداني قال: رأيت قاتل عليّ بن طالب يحرق بالنار في أصحاب الرماح.

(78)- و رواه أيضا ابن أبي شيبة في آخر كتاب الفتن تحت الرقم: «19599» من المصنّف: ج 15، ص 246 قال:

[حدّثنا] عبيد اللّه بن موسى عن فطر عن أبي إسحاق قال: حدّثني من دخل على ابن ملجم السجن و قد-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:88

عن أبي إسحاق قال: حدّثني رجل دخل على ابن ملجم حين ضرب عليّا و قد احترق فصار وجهه أسود.

79- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي عن هشام بن محمد عن أبي عبد اللّه الجعفي:

عن جابر الجعفي قال: حدّثني من نظر إلى ابن ملجم حين قدم إلى عليّ بن أبي طالب فإذا رجل أسمر/ 243/ أ/ حسن الوجه أفلج شعره مع شحمة أذنيه مسجد يعني في وجهه أثر السجود.

80- «80» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: أخبرني العبّاس بن هشام عن أبيه قال: حدّثني أبو بكر بن عيّاش قال:

قدم قوم من أهل اليمن من مراد فيهم [عبد الرحمن] بن ملجم فلمّا وقفوا بين يدي عمر بن الخطّاب قال: ممّن أنتم؟ قالوا: من مراد. قال: ما رأيت كاليوم وجوها أنكر؟؟- يعيدها مرارا- اخرجوا الحقوا بمصر. قال: و كان فيهم سيدار بن حمرار الذي ضرب عثمان بالسيف يوم دخل عليه.

81- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا المنذر بن عمّار بن حبيب بن جسار أبي الأشرس الكاهلي قال: أخبرني ابن أبي الحثحاث العجلي عن أبيه أبي

الحثحاث قال:

______________________________

- اسودّ كأنّه جذع محترق.

و الحديث رواه الطبري و صحّحه و ذكر شواهده و الحديث: (6) من مسند علي عليه السلام من كتاب تهذيب الآثار: ج 1، ص 70 ط 1، قال:

حدّثني أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي قال: حدّثنا يحيى بن إسحاق البجلي قال شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي تحيا [حكيم بن سعد] قال: لمّا أتي عليّ بابن ملجم قال: اصنعوا به كما صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم برجل جعل له ان يقتله فقال: اقتلوه و حرّقوه.

(80)- و روى ابن حجر في ترجمة أشقى البريّة عبد الرحمن بن ملجم في كتاب لسان الميزان: ج 3 ص 440- نقلا عن أبي سعيد ابن يونس في تاريخ مصر- قال:

و قيل: إنّ عمر [بن الخطّاب] كتب إلى عمرو [بن العاص] أن قرّب دار عبد الرحمن ابن ملجم من المسجد ليعلّم الناس القرآن و الفقه. فوسع له فكان داره إلى جنب دار ابن عديس.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:89

أخبرت عليّا بقدوم ابن ملجم فتغيّر وجهه ثمّ أتيته به فلمّا رآه عليّ قال:

أريد حباءه و يريد قتلي عذيري من خليلي من مرادي فقال: [ابن ملجم]: سبحان اللّه لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟. قال: هو ذاك ثمّ قال له عليّ: إنّي سائلك عن ثلاث: هل مرّ بك رجل و أنت تلعب مع الصبيان فقصدك ثمّ قال [لك: يا] شقيق عاقر الناقة؟ قال: سبحان اللّه لم تقول هذا يا أمير المؤمنين؟. قال: بقيت خصلتان: هل كنت تدعى و أنت صغير- ابن راعية الكلاب؟ قال: سبحان اللّه ما رابك إلى هذا؟ قال: بقيت خصلة: هل أخبرتك أمّك أنّها تلقّفت بك و هي حائض؟!

فغضب [ابن

ملجم] فقام فدعا له عليّ بثوبين و أعطاه ثلاثين درهما فقيل له: لو قتلته؟ فقال: يا عجبا تأمروني أن أقتل قاتلي «1»؟.

82- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي عن عبيد بن عتيبة «2»:

عن وهب بن عبد اللّه بن كعب بن سور قال: دخل محمد بن الحنفيّة

______________________________

(1) هذا الحديث أيضا دالّ على أنّه عليه السلام كان يعرف قاتله.

و روى أبو عمر في أواخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الإستيعاب المطبوع بهامش كتاب الإصابة: ج 3 ص 60 قال:

حدّثنا خلف بن سعيد الشيخ الصالح حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن عليّ حدّثنا أحمد بن خالد حدّثنا، إسحاق بن إبراهيم حدّثنا عبد الرزّاق عن معمر عن أيّوب عن ابن سيرين:

عن عبيدة قال: كان عليّ رضي اللّه عنه إذا رأى ابن ملجم قال:

اريد حياته و يريد قتلي عذيرك من خليلك من مراد [قال] و كان عليّ كثيرا ما يقول: ما يمنع أشقاها- أو ما ينتظر أشقاها- أن يخضب هذه من دم هذا!؟.

و رواه المتّقي الهندي عن عبد الرزاق عن عبيدة و عن وكيع في كتاب الغرر و عن ابن سعد في كتاب الطبقات الكبرى: [ج 3 ص 22] كما في الحديث: «483» من باب فضائل عليّ عليه السلام من كتاب كنز العمّال: ج 15، ص 171.

(2) الظاهر أنّ هذا هو الصواب، و في أصلي قبل لفظة «عتيبة» كأنّها مشطوبة و كأنّها «عتبة».

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:90

الحمّام فإذا فيه عبد الرحمن بن ملجم جالس فنظر إليه فقال له محمد: ممّن الرجل؟ قال: من مضر/ 243/ ب/ قال: أيّها أنت؟ قال: من اليمن. قال: من أيها أنت؟ قال: ما

أنا بمخبرك؟ فتركه فلمّا كان من أمر عليّ ما كان و قتل أخذ عبد الرحمن فحبس في بيت فدخل عليه محمد فقال: أ لست صاحب الحمّام؟

قال: بلى. قال [محمد]: أما و اللّه ما أنا اليوم بأعرف بك منّي يومئذ «1»

ثم التفت محمد إلى قوم [كانوا] معه فقال: أما إنّا لا نعلم الغيب و لكنا علّمنا شيئا فعلمنا [ه] «2».

83- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال حدّثني أبي عن هشام بن محمد عن أبي عبد اللّه الجعفي عن جابر:

عبد اللّه الجعفي عن جابر:

عن أبي جعفر محمد بن عليّ قال: لمّا توفّي عليّ رحمه اللّه أمر الحسن بن عليّ بابن ملجم فأتي به فضربه ضربة فأندر أصابعه «3» ثمّ ثنّا [ها] فقتله فلمّا

______________________________

(1) و رواه بسند آخر و على وجه آخر البلاذري في الحديث: «550» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: 1، ص 435 من المخطوطة و في ط 1: ج 2 ص 501.

و رواه أيضا ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من الطبقات الكبرى: ج 3 ص 35 ط بيروت.

و رواه عنه ابن عساكر في الحديث: «1420» من ترجمته عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 362.

و رواه أيضا المتقي في الحديث: «501» من باب فضائل عليّ عليه السلام من كتاب كنز العمّال: ج 15، ص 17.

(2) هذه قرينة قطعيّة على أنّ مراد الصدر الأوّل من المسلمين إذا أطلقوا علم الغيب مرادهم منه هو العلم الذي لا يكون عن تعلّم و اكتساب و به تنحلّ شبهات كثيرة للمنحرفين عن أهل البيت عليهم السلام.

(3) أي أسقطها و أزالها عن محلّها، فإن صحّ هذا الحديث و النقل فلعلّ الخبيث جعل كفّه

وقاية لرأسه أو رقبته كي يدفع به أثر السيف.

و رسم الخطّ في قوله: «فأنذر» غير واضح في أصلي.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:91

تخوّف الحسن من عواقب الضربتين حجّ ماشيا و قاسم اللّه ما له ثلاث مرّات «1».

84- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه بن محمد حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن حاتم قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا حصين:

عن الشعبي قال: حدّثني زحر بن قيس الجعفي قال: لمّا كان غداة أصيب عليّ عليه السلام ركبت بغلتي و مضيت نحو المدائن فلمّا كنت قريبا منها تلقّاني أهلها و قالوا: من أين أقبل الرجل؟ قلت: من الكوفة. قالوا: و ما الخبر؟

قلت: خرج أمير المؤمنين لصلاة الغداة فتلقاه رجلان فضربه أحدهما فأخطأه و ضربه الآخر فأصابه بشجّة قد يموت الرجل مما هو أدنى منها، و [قد] يعيش مما هو أكثر منها. فتماروا فيما بينهم فقالوا: و اللّه لو جئتنا بدماغه في ستّين صرّة «2» لعلمنا أنّه لا يموت حتّى يسوق العرب بعصاه. قال: فدخلت المدائن فمكثت في بعض بيوتها «3» حتى جاء كتاب الحسن بن عليّ بما كان من أمره [فقلت:] فاتّقوا اللّه و عليكم بالسمع و الطاعة.

قال: و كان اللذان ضرباه عبد الرحمن بن ملجم المرادي و شبيب بن بجرة الأشجعي ضربه شبيب فأخطأه و ضربه ابن ملجم على رأسه فقتله.

و كان الذي ضرب معاوية رجل من بني الصريم يقال له: البرك و إنّ معاوية حرّم بني الصريم أعطياتهم حينا.

85- حدّثنا/ 244/ أ/ الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا سعيد بن يحيى القرشي حدّثنا عبد اللّه بن سعيد عن زياد بن عبد اللّه حدّثنا المجالد بن سعيد قال: مات عليّ رضي اللّه عنه و لم يستخلف أحدا «4».

______________________________

(1) الظاهر أنّ

هذا التعليل من بعض الرواة، إذ الإمام الحسن عليه السلام لم يأت و لم يفعل ما لا يجوز عليه و لم يك يخالف وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام حتّى يخاف عواقب المخالفة.

(2) رسم خطّ هذه الكلمة غير جلي من أصلي.

(3) كلمة: «بيوتها» رسم خطّها غير واضح من أصلي.

(4) مجالد بن سعيد المتوفّى سنة: «144» لم يكن ممّن شهد القضيّة و لم يذكرها أيضا ممّن شهدها-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:92

قال [المجالد]: فحدّثني الشعبي قال: أخبرني زحر بن قيس الجعفي قال:

بعثني عليّ رضي اللّه عنه على أربع مائة من أهل العراق و أمرنا أن ننزل المدائن رابطة قال: فو اللّه إنّا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق إذ جاءنا رجل قد أعرق دابّته فقلنا: من أين أقبلت؟ قال: من الكوفة. قلنا: متى خرجت؟ قال:

اليوم. قلنا: فما الخبر؟ قال: خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة الفجر فابتدره ابن بجرة و ابن ملجم فضربه أحدهما ضربة- [و] إنّ الرجل ليعيش ممّا هو أشدّ منها و يموت مما هو أهون منها- ثمّ ذهب.

فقال عبد اللّه بن وهب السبائي و رفع يديه إلى السماء: اللّه أكبر اللّه أكبر.

قلت له: ما شأنك؟ قال: لو أخبرنا هذا أنّه نظر إلى دماغه قد خرج عرفت أنّ أمير المؤمنين لا يموت حتّى يسوق العرب بعصاه.

قال [زحر]: فو اللّه ما مكثنا إلّا تلك الليلة حتّى جاءنا كتاب الحسن بن عليّ: «من عبد اللّه حسن أمير المؤمنين إلى زحر بن قيس أمّا بعد فخذ البيعة ممّن قبلك» فقلنا [لعبد اللّه]: أين ما قلت؟ قال: ما كنت أراه يموت.

86- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: و حدّثني سعيد حدّثنا عبد اللّه بن سعيد عن زياد بن عبد اللّه

حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق: عن هبيرة بن يريم قال: قام الحسن بن عليّ بعد قتل أبيه فحمد اللّه عزّ و جلّ و أثنى عليه ثمّ قال:

أيّها الناس إنّه قد فارقكم أمس رجل سبق الأوّلين و لا يدركه الآخرون «1»

______________________________

- و حضرها حتّى يلاحظ حالها من جهة الوثاقة و عدمها و لعلّه بعض الناصبة أو المارقة! ثمّ هو أيضا ضعيف ضعّفه أكثر الحفّاظ كما في ترجمته من كتاب تهذيب التهذيب: ج 10، ص 39.

(1) هذا هو الصواب و في أصلي: «و لا يدركه الآخرين».

و للحديث مصادر و أسانيد كثيرة جدّا و ربّما يكون من المتواترات لفظا و قد رواه ابن أبي شيبة في الحديث: «42» من باب فضائل عليّ عليه السلام من كتاب الفضائل تحت الرقم: «12154» من كتاب المصنّف: ج 12، ص 73 ط الهند 1، قال:

حدّثنا عبد اللّه بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد عن [أبي إسحاق عن] هبيرة بن يريم قال: سمعت-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:93

و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله و سلم] يبعثه المبعث و يعطيه الراية فما يرجع حتّى يفتح اللّه عليه جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله ما ترك صفراء و لا بيضاء إلّا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأهله.

87- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد اللّه بن يونس بن بكير قال: حدّثني أبي قال: حدّثني أبو عبد اللّه الجعفي عن جابر الجعفي:

عن عامر الشعبي قال: صلّى الحسن بن عليّ صلاة الفجر يوم مات عليّ عليهما السلام فقال:

الحمد للّه حمدا كثيرا/ 244/ ب/ على ما أحببنا و كرهنا إنّا للّه و إنّا

إليه راجعون و الحمد للّه ربّ العالمين و إنّي أحتسب عند اللّه عزّ و جلّ مصابي بأفضل الآباء [بعد] رسول اللّه صلّى اللّه عليه.

و اعلمنّ يا معشر من حضر أنّه قد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه أحد كان قبله و لم يخلف بعده مثله و هو عليّ حبيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه

______________________________

- الحسن بن عليّ قام خطيبا فخطب الناس فقال:

يا ايّها الناس لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأوّلون و لا يدركه الآخرون و لقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرجع حتّى يفتح اللّه عليه جبريل عن يمينه و ميكائيل عن شماله.

ما ترك بيضاء و لا صفراء إلّا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما.

و أيضا رواه ابن أبي شيبة تحت الرقم: «12159» من المصدر المذكور: ج 12، ص 75 ط 1، قال:

حدّثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن حبشيّ قال:

خطبنا الحسن بن عليّ بعد وفاة عليّ فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأوّلون بعلم و لا يدركه الآخرون كان رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم يعطيه الراية فلا ينصرف حتّى يفتح اللّه عليه.

و رواه أيضا ابن سعد بسندين في أواخر ترجمة عليّ عليه السلام في طبقات البدريّين من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 38 ط بيروت و في ط: ج 3/ 25.

و رواه أيضا السيّد المرشد باللّه يحيى بن الحسين كما في أواخر فضائل عليّ عليه السلام من ترتيب أماليه ص 142.

و رواه ابن عساكر بأسانيد كثيرة في الحديث: «1495» و ما بعده من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ

دمشق ج 3 ص 398- 405 ط 2.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:94

[و آله و سلّم] و أخوه فنحتسب عند اللّه ما دخل علينا أهل البيت خاصّة و ما دخل على جميع أمّة محمّد عامّة فو اللّه لا أقول اليوم إلّا حقا لقد دخلت مصيبته على جميع العباد و البلاد و الشجر و الدواب فنسأل [اللّه] البرّ الرحيم أن يرحم وجهه و أن يعذّب قاتله و أن يحسن علينا الخلافة من بعده.

88- «88» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا عبيد اللّه بن موسى قال: أخبرنا سكين بن عبد العزيز حدّثنا حفص بن خالد بن جابر عن أبيه عن جدّه قال:

______________________________

(88) انظر ترجمة حفص بن خالد بن جابر في تعجيل المنفعة و تاريخ البخاري و فيهما شطر من هذا الحديث.

و رواه البزّار في الحديث: «2537» من كتاب كشف الأستار، ص 250 ط مصر، قال:

حدّثنا عمرو بن عليّ حدّثنا أبو عاصم حدّثنا سكين بن عبد العزيز حدّثني حفص بن خالد حدّثني أبي خالد بن جابر قال:

لمّا قتل عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه قام الحسن خطيبا فقال: قد قتلتم و اللّه الليلة رجلا في الليلة التي أنزل فيها القرآن و فيها رفع عيسى بن مريم و فيها قتل يوشع بن نون فتى موسى- قال سكين: [و] حدّثني رجل قد سمّاه قال: و فيها تيب على بني إسرائيل. ثمّ رجع إلى حديث حفص بن خالد فقال:- و اللّه ما سبقه أحد كان قبله و لا يدركه أحد كان بعده و اللّه إن كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و [آله] و سلم ليبعثه في السريّة جبريل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و

اللّه ما ترك من صفراء و لا بيضاء إلّا ثمان مائة درهم أو سبع مائة درهم كان أعدّها لخادم.

قال البزّار: لا نعلم أحدا يروي هذا إلّا الحسن بن عليّ بهذا الإسناد و إسناده صالح و لا نعلم حدّث عن حفص إلّا سكين.

[و] حدّثنا عمرو بن عليّ حدّثنا أبو داوود حدّثنا عمرو بن ثابت أبو إسحاق عن هبيرة قال: خطبنا الحسن [قال الهيثمي:] قلت: فذكر بعضه.

[و] حدّثنا أبو جعفر أحمد بن موسى التميمي حدّثنا القاسم بن الضحّاك حدّثنا يحيى بن سلام عن أبي الجارود عن منصور عن أبي رزين قال:

خطبنا الحسن بن عليّ حين أصيب أبوه و عليه عمامة سوداء فقال: يا أيّها الناس لقد فارقكم البارحة رجل لم يسبقه الأوّلون و لا يدركه الآخرون كان رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم يبعثه المبعث و يعطيه الراية فإذا حمّ الوغى فقاتل جبريل عن يمينه و ميكائيل عن يساره فلا يرجع حتّى يفتح اللّه له قد مضى و ما خلّف صفراء و لا بيضاء إلّا سبع مائة درهم فضلت من [عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأهله]. مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:95

لمّا قتل عليّ عليه السلام قام الحسن بن عليّ خطيبا فحمد اللّه عزّ و جلّ و أثنى عليه ثم قال:

أما و اللّه لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن، [و] رفع عيسى بن مريم عليه السلام و فيها قتل يوشع بن نون فتى موسى عليهما السلام.

89- «89» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا عليّ بن الجعد قال: أخبرنا شريك عن عاصم بن النجود عن أبي رزين قال: خطبنا الحسن بن عليّ بعد وفاة أبيه على منبر الكوفة في ثياب سود.

90-

حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس حدّثنا عبد اللّه بن إدريس قال: سمعت إسماعيل بن أبي خالد يذكر ذاك عن أبي إسحاق- قال ابن إدريس: لا أعلمه إلّا- عن هبيرة بن يريم [قال]:

إنّ عليّا لمّا أصيب خطب الحسن بن عليّ فحمد اللّه عزّ و جلّ و أثنى عليه

______________________________

أقول: ما بين المعقوفين كان ساقطا من أصلي و زدناه بمناسبة السياق و الروايات الواردة في المقام.

و الحديث رواه أحمد بن حنبل باختصار في عنوان: «مسند أهل البيت من كتاب المسند: ج 1 ص 199، ط 1.

(89) و الحديث رواه الطبراني بزيادات كثيرة بسنده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الصحابي و رواه عنه الهيثمي في فضائل عليّ من كتاب مجمع الزوائد: ج 9 ص 146.

و قريبا منه جدّا رواه الحاكم بسنده عن الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام في فضائل الإمام الحسن من كتاب المستدرك: ج 3 ص 172.

و الحديث رواه أيضا أحمد بن حنبل تحت الرقم: «148» من باب فضائل عليّ عليه السلام من كتاب الفضائل ص 99 ط 1، قال:

حدّثنا وكيع عن شريك عن عاصم عن أبي رزين قال: خطبنا الحسن بن عليّ بعد وفاة عليّ و عليه عمامة سوداء فقال: لقد فارقكم رجل لم يسبقه الأوّلون بعلم و لا يدركه الآخرون.

و رواه في تعليقه عن كتاب المعمّرون و الوصايا ص 152، و عن كتاب الثقات لابن حبّان: ج 2 ص 304.

و رواه أيضا ابن حبّان و النسائي و يجد الطالب نصّ حديثهما تحت الرقم: (22) من كتاب خصائص أمير المؤمنين عليه السلام ص 68 ط بيروت بتحقيق المحمودي.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:96

ثمّ قال:

لقد فارقكم بالأمس رجل ما

سبقه الأوّلون و لا يدركه الآخرون إن كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله و سلّم] ليدفع الراية إليه فيمضي و جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره فما يبرح حتّى يفتح اللّه عزّ و جلّ عليه و ما ترك صفراء و لا بيضاء غير سبعمائة درهم كان أرصدها في خادم [له]/ 245/ أ/.

91- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبي عن هشام بن محمد عن أبي عبد اللّه الجعفي قال: حدّثني عروة بن عبد اللّه:

عن زحر بن قيس قال: بعثني الحسن بن عليّ عليهما السلام إلى المدائن و بها حسين بن عليّ فلمّا انتهيت إليه قال: أي زحر «1» مالي أرى وجهك متغيّرا؟

قلت: تركت أمير المؤمنين في آخر يوم من الدنيا و أوّل يوم من الآخرة و هذا كتاب الحسن إليك قال زحر: فلمّا ذكرت له أمر عليّ و مصابه قال: ويحك من قتله! قلت: رجل من مراد مارق فاسق يقال له: عبد الرحمن بن ملجم. قال: أقتل الرجل! قلت: نعم فكبّر ثمّ قال: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و الحمد للّه ربّ العالمين ما أعظمك من مصيبة؟ مع أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله و سلّم] قال: «إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصابه بي فإنّه لن يصاب بمثلها أبدا» و صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله و سلّم] و ما أصيب بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه [أحد] بمثلها و لن نصاب بمثلها في بقيّة عمري إنّ البلاء إلينا أهل البيت سريع و اللّه المستعان.

فقال له زحر: إنّ هاهنا من لا يرى أنّه يموت حتّى يظهر و أنا أخافهم عليك فاجمعهم إليّ حتّى أقرأ كتاب الحسن

عليهم.

فنودي في الناس فاجتمعوا و حضر حسين عليه السلام فقمت فقرأت على الناس الكتاب فقال رجل يقال له: ابن السوداء من همدان يقال له:

عبد اللّه بن سبأ: و اللّه لو رأيت أمير المؤمنين في قبره لعلمت أنّه لن يذهب حتّى

______________________________

(1) لعلّ هذا هو الصواب و في أصلي: «أبي زحر».

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:97

يظهر.

فأرج من عقل «1» بالاسترجاع و البكاء و الاستغفار لعليّ و التعزية لحسين ثمّ انصرف راجعا إلى الكوفة في الناس.

______________________________

(1) يقال: أرج الناس أرجا- على زنة «علم» و بابه-: ضجّوا بالبكاء.

و هذا الحديث يؤيّد ما رواه السيّد الرضي رفع اللّه مقامه في ذيل المختار: «182» من باب الأوّل من كتاب نهج البلاغة قال:

قال نوف [البكالي] و عقد [أمير المؤمنين عليه السلام] للحسين عليه السلام في عشرة آلاف و لقيس بن سعد [بن عبادة الأنصاري] رحمه اللّه في عشرة آلاف و لأبي أيّوب الأنصاري في عشرة آلاف و لغيرهم على أعداد أخر و هو يريد الرجعة إلى صفين فما دارت الجمعة حتّى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه اللّه فتراجعت العساكر فكنّا كأغنام فقدت راعيها تختطفها الذئاب من كلّ مكان!!!

و لكن إلى حين تحقيق هذه التعليقة لم أظفر على حديث غير هذا الحديث ينطق بهذا و ما اطّلعت أيضا على تصريح مؤرّخ موثوق يصرّح بذلك، و أكثر الأخبار و نصوص المؤرّخين دالّ أنّ الإمام الحسين عليه السلام كان حاضرا بالكوفة حينما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن استشهد صلوات اللّه و سلامه عليه.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:99

ندب عليّ و مراثيه صلوات اللّه عليه

92- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني الحسين بن عبد الرحمن عن محمد بن أيّوب التميمي عن موسى بن المغيرة:

عن الضحّاك بن مزاحم قال:

ذكر عليّ بن أبي طالب عليه السلام عند ابن عبّاس رحمه اللّه بعد وفاته فقال: وا أسفا على أبى الحسن ملك و اللّه فما بدّل و لا غيّر و لا قصّر و لا جمع و لا منع و لا آثر و لقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله، ليث في الوغا، بحر في المجالس، حكيم الحكماء، هيهات قد مضى في الدرجات العلى.

93- «93» حدّثنا الحسين/ 245/ ب/ حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني محمد بن أبي يحيى أنّ شيخا من ضبّة يكنّى أبا الوليد حدّثهم قال: حدّثني

______________________________

(93) و للحديث أسانيد و مصادر كثيرة جدّا و قد رواه مسندا أبو عمر في أواخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الإستيعاب المطبوع بهامش كتاب الإصابة: ج 3 ص 43.

و رواه أيضا السيّد المرشد باللّه يحيى بن الحسين الشجري كما في فضائل عليّ عليه السلام من ترتيب أماليه ص 142، ط مصر قال:

أخبرنا أبو أحمد محمد بن عليّ بن محمد المكفوف بقراءتي عليه بأصفهان قال: أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حيّان قال: حدّثنا أحمد بن عليّ بن عيسى بن ماهان الرازي قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن زنجويه قال حدثنا العبّاس بن بكّار عن عبد الواحد بن أبي عمرو الأسدي عن محمد بن السائب عن أبي صالح قال: أدخل ضرار بن مرّة الكناني على معاوية فقال له: صف [لي] عليّا! فقال [له ضرار]: أو تعفيني ...

و رواه أيضا محمد بن سليمان الكوفي الزيدي في الحديث: «539» في أوائل الجزء «5» من كتاب-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:100

عبد الواحد بن أبي عمرو الأسدي أنّ معاوية قال لرجل من كنانة: صف لي عليّا.

قال: اعفني. قال: لا اعفيك. قال أمّا إذ لا بدّ فإنّه كان- و اللّه- بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا و يحكم عدلا يتفجّر العلم من جوانبه و تنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا و زهرتها و يأنس بالليل و ظلمته.

كان و اللّه غزير العبرة طويل الفكرة يقلّب كفّه و يخاطب نفسه [كان] يعجبه من اللباس ما قصر و من الطعام ما جشب.

كان و اللّه كأحدنا يجيبنا إذا سألناه و يبتدءونا إذا آتيناه و يلبّينا إذا دعوناه.

و نحن و اللّه مع تقريبه لنا و قربه منّا لا نكلّمه هيبة و لا نبتديه لعظمته فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.

[كان] يعظّم أهل الدين و يحبّ المساكين لا يطمع القويّ في باطله و لا ييأس الضعيف من عدله.

و أشهد باللّه لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سرباله «1» و قد غارت نجومه و قد مثّل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم «2» و يبكي بكاء الحزين فكأنّي الآن أسمعه و هو يقول: يا دنيا يا دنيا أبي تعرّضت؟ أم بي تشوّفت؟ هيهات هيهات غرّي غيري. لا حان حينك قد بتتتك. ثلاثا لا رجعة لي فيك «3» فعمرك قصير و عيشك حقير و خطرك يسير [4] آه من قلّة الزاد و بعد

______________________________

[4] كلمة: «يسير» رسم خطّها غير جلّي في أصلي.

______________________________

- مناقب عليّ عليه السلام الورق: 126/ أ/.

و من أراد أن يعرف وزن الحديث من حيث المصادر و الأسانيد فعليه بما علّقناه على المختار: «77» من الباب الثالث من كتاب نهج البلاغة.

(1) كذا في أصلي، و في أمالي الشجري و أكثر المصادر: «و قد أرخى الليل سدوله ...».

(2) السليم: اللديغ الذي لسعته حيّة

أو عقرب أو أفعى.

(3) بتّتك- من باب: «مدّ» و «فرّ»-: أي فصلتك عن نفسي و قطعتك عنّي و طلّقتك طلاقا ثلاثا لا عودة و لا رجعة بعده.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:101

السفر وحشة الطريق!!!

قال: فبكى معاوية و بكى القوم ثمّ قال: رحم اللّه أبا حسن كان و اللّه كذلك و كيف حزنك عليه؟ قال حزن والدة ذبح واحدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها و لا يسكن حزنها.

______________________________

هذا هو الظاهر، و في أصلي: «حزن والدة من ذبح واحدها في حجرها ...

يقال: رقأت الدمعة رقوءا- على زنة «منع» و بابه-: جفّت و انقطعت.

و من أحلى ما ورد في وصف أمير المؤمنين عليه السلام هو ما ذكره حواريّه حبّة بن جوين العرني، على ما رواه عنه يوسف بن حاتم الشامي في عنوان: «صفة أمير المؤمنين عليه السلام و وصف أخلاقه الرضيّة» من كتابه: الدرّ النظيم الورق/ 83/ ب/ قال: قال حكيم بن جبير: قيل لحبّة بن جوين العرني رضي اللّه عنه: أ لا تصف لنا أخلاق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟ قال لهم: نعم:

كان و اللّه بشره في وجهه و حزنه في قلبه أوسع شي ء صدرا و أذلّ شي ء نفسا! لا حقود و لا حسود و لا وثّاب و لا سبّاب و لا عيّاب و لا مغتاب بكره الوقيعة.

[كان] طويل الغمّ بعيد الهمّ وقورا ذكورا صبورا شكورا مغمورا! مسرورا بفقره.

[كان] سهل الخليقة لين العريكة رصين الوقار قليل الأذى لا متأفّك و لا متهتّك، إن ضحك لم يخرق، و إن غضب لم ينزق.

[كان] ضحكه تبسّما و استفهامه تعلّما و مراجعته تفهّما.

[كان] كثيرا علمه عظيما حلمه كثيرة رحمته.

[كان] لا يبخل و لا يضجر و لا يسجر.

[كان] لا

يحيف في حكمه و لا يحول في علمه.

[كان] نفسه أصلب من الصّلد و مكادحته أحلى من الشهد.

لا جشع و [لا] هلع و لا عنف و لا صلف و لا متعمّق و لا متكلّف.

[كان] وصولا في غير عنف و بذولا في غير سرف.

[كان] جميل المنازعة كريم المراجعة.

[كان] عدلا إن غضب [و] رفيقا إن طلب.

[كان] خليص الودّ وثيق العهد وفيّ العهد.

[كان] شفيقا وصولا حليما حمولا عديم الفضول.

[كان] راضيا عن اللّه عزّ و جلّ مخالفا لهواه لا يغلظ على من يؤذيه و لا يخوض فيما لا يعنيه.

[كان] كثير الفضل صدوق اللسان عفيف الطعمة خفيف المؤنة.

[كان] قليلا شرّه كثيرا خيره «1»؟

[كان] إن سئل أعطى و إن ظلم عفا و إن قطع وصل.

[كان] مستهترا بعلمه «2» مستأنسا بربّه يأنس إلى البلاء كما يستوحش منه أهل الدنيا.

______________________________

(1) المراد من الشّرّ هاهنا، هو ما يلائم بعض النفوس و إن كان مشتملا على الحكمة و المصلحة للعامّة و أكثر النفوس.

(2) كذا في أصلي. و الاستهتار بالعلم هو التجاهر به و بذله لكلّ طالب و بثّه بين المجتمع.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:102

______________________________

[كان] أمّارا بالحقّ لهجا بالصدق مسارعا في أمر اللّه قد عرف قدر نفسه فشنأ كبرها و مقت فخرها و ألزمها كلّ ذلّة و بذلها لكلّ مهانة.

[كان] ناصرا للّه عزّ و جلّ محاميا عن المؤمنين كهفا للمسلمين، لا يخرق النساء سمعه. و لا ينكأ الطمع قلبه و لا يصرف العيب حكمه.

[كان] قوّالا [بالحقّ] عمّالا [بالخير] عالما حازما ليس بفحّاش و لا طيّاش لا يقتفي أثر شرار الناس رفيقا بالحقّ مسارعا في عون الضعيف غوثا للّهيف.

لا يهتك سترا و لا يكشف سرّا.

[كان] كثير الهدى قليل الشكوى إن رأى خيرا ذكره و إن رأى شرّا

ستره.

[كان يحفظ] الغيب و يقيل العثرة و يقبل المعذرة و يغتفر الزلّة لا يطلع على نصح فيكده و لا يرى من عليه ضعف إلّا أعان!!

[كان] رضيّا تقيّا ... رضيّا.

[كان] يقبل العذر و يحمل الذكر و يحسن بالناس ظنّه و يتّهم على الغيب نفسه يحبّ في [اللّه] بفهم و علم و يقطع في اللّه عزّ و جلّ بحزم و عذر.

[كانت] خلطته فرحة و رؤيته حجّة.

[كان] صفّاه العلم من كلّ كدر كما يصفّي النار خبث الحديد.

[كان] مذاكرا للعالم معلّما للجاهل.

كلّ سعي عنده أحمد من سعيه و كلّ نفس عنده أخلص من نفسه.

[كان] عالما بالغيب متشاغلا بالغمّ لا يفيق لغير ربّه فريدا وحيدا.

[كان] يحبّ اللّه و يجاهد في مرضاته لا ينتقم لنفسه و لا يوالي أحدا في مسخطه.

[كان] مجالسا لأهل الفقر موازرا لأهل الحقّ عونا للغريب أبا لليتيم بعلا للأرملة حفيّا بأهل المسكنة مأمولا لكلّ كربة مرجوّا لكلّ شدّة هشّاشا بشّاشا ليس بعبّاس و لا حبّاس؟.

[كان] دقيق النظر عظيم الخطر لا ينحل، و إن نحل، أعانه اللّه على أمره.

[كان] استشعر الخوف و غلبه الحزن و أضمر اليقين و تجنّب الشكّ و الشبهات و توهّم الزوال.

[كان] مصابيح الهدى في قلبه يقرّب البعيد و يهوّن عليه الشديد نظر فأبصر و بكّر فاستكثر حتّى إذا روى من عذب فرات قد سهلت موارده فشرب نهلا و سلك سبيلا سهلا لم ير مظلمة إلّا أبصر خلالها و [لا] مبهمة إلّا عرف مداها قد خلع سرابيل الشهوات من قلبه و ردّ كلّ فرع إلى أصله فالأرض الّتي هو فيها مشرقة بضيائه ساكنة إلى قضائه.

[كان] سراجا [وهّاجا] مصباح ظلمات دليل فلوات لم يجد إلى الخير مسلكا إلّا سلكه فالعلم ثمرة قلبه يضع رجله حيث تقلّه

و الناس عن سراطهم ناكبون و في حيرتهم يعمهون و هذه و اللّه كانت أخلاق أمير المؤمنين عليه السلام.

أقول: و بسبب تجاهر هذا الرجل بأمثال هذه الحقائق، و بثّه إيّاها، ضعّفه المتعصّبون من تلاميذ حريز

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:103

______________________________

و حفّاظ آل أميّة إذ رأوا أنّ بيان هذه الحقائق لأمير المؤمنين عليه السلام يفضح سلفهم العاري عن كلّ مكرمة المتلبّس بأضداد هذه الصفات، فتحاملوا على حبّة حملة جنود الشيطان على أولياء اللّه مع أنّهم ذكروا في ترجمته أنّه لم ير قطّ إلّا و هو يقول: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه» إلّا أن يكون مصلّيا أو يحدث الناس بالحديث كما في ترجمته من تاريخ بغداد: ج 8 ص 376 و كتاب تهذيب التهذيب: ج 2 ص 176 و تهذيب الكمال.

و انظر ما رواه الحافظ ابن شهرآشوب عن الإمام الباقر عليه السلام في نعت جدّه أمير المؤمنين عليه السلام في ترجمة الإمام الباقر من كتاب مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 203.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:105

[اعتراف مناوئي عليّ بتفوّقه عليهم بالعلم و الزهد و منابع الكمال]

94- «94» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا جرير عن مغيرة قال:

لمّا جي ء معاوية بنعي عليّ بن أبي طالب عليه السلام و هو قائل «1» مع امرأته ابنة قرظة في يوم صائف فقال: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون ما ذا فقدوا من العلم و الخير و الفضل و الفقه؟

قالت امرأته: بالأمس [كنت] تطعن في عينيه و تسترجع اليوم عليه! قال: ويلك لا تدرين ما [ذا] فقدوا من علمه و فضله و سوابقه! «2».

______________________________

(94) و رواه نقلا عن ابن أبي الدنيا الحافظ ابن عساكر في الحديث: «1506» من ترجمة أمير

المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 408 ط 2.

(1) أي كان مستريحا مع امرأته في نصف النهار، و منه القيلولة و هي الاستراحة نصف النهار.

(2) و قال صاحب منهاج البراعة في شرح المختار: «149» من كتاب نهج البلاغة-: ج 9 ص 127 ط 2:

و لمّا بلغ نعي أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية فرح فرحا شديدا و قال: إنّ الأسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه ثمّ قال:

قل للأرانب ترعى أينما سرحت و للظباء بلا خوف و لا وجل و روى صاحب تشييد المطاعن في المجلّد الثاني منه ص 409 ط 1، قال:

و في رواية الراغب عن شريك أنّه قال: و اللّه لقد أتاه قتل أمير المؤمنين عليه السلام و كان متّكئا فاستوى جالسا ثمّ قال: يا جارية غنّيني فاليوم قرّت عيني ...

و روى أبو عمر في أواسط ترجمة أمير المؤمنين من كتاب الإستيعاب المطبوع بهامش كتاب الإصابة: ج 3 ص 57 قال:

لمّا بلغ قتل عليّ عليه السلام عائشة قالت: فلتصنع العرب ما شاءت فليس أحد يمنعها!

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:106

95- «95» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا عمير بن طلحة القنّاد حدّثنا أسباط بن نصر عن سماك:

______________________________

- و روى أبو الفرج في آخر مقتل أمير المؤمنين من كتاب مقاتل الطالبيين ص 28 قال:

حدّثني محمد بن الحسين الأشناني قال: حدّثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال: حدّثنا عثمان بن عبد الرحمن قال: حدّثنا إسماعيل بن راشد بإسناده قال: لمّا أتى عائشة نعي أمير المؤمنين عليه السلام تمثّلت [بقول الشاعر]: مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا 106 [اعتراف مناوئي علي بتفوقه عليهم بالعلم و الزهد و منابع

الكمال]

فألقت عصاها و استقرّت بها النوى كما قرّ عينا بالإياب المسافر ثم قالت: من قتله؟ فقيل: رجل من مراد. فقالت:

فإن يك نائيا فلقد نعاه غلام ليس في فيه التراب فقالت لها زينب بنت أبي سلمة: أ لعليّ تقولين هذا!؟ فقال: [إنّي أنسى] إذا نسيت فذكّروني ...

و كان الذي ذهب بنعيه سفيان بن أبي أميّة بن عبد شمس بن أبي وقّاص.

ثمّ روى القصّة مسندة مع زيادة لها انسجام بليغ مع خلقيّات أمّ المؤمنين في مقتل أمير المؤمنين من كتاب مقاتل الطالبيين ص 42.

و رواه الزبير ابن بكّار- على وجه آخر أشدّ انسجاما لنزعات أمّ المؤمنين- في الجزء «16» من كتاب الموفّقيات ص 131، ط 1، ببغداد.

و رواه أيضا ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3. ص 40 ط بيروت و لكن قال:

و قالوا: و ذهب بقتل عليّ عليه السلام إلى الحجاز سفيان بن أميّة بن أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس فبلغ ذلك عائشة فقالت ...

و رواه أيضا البلاذري في ذيل الحديث: «559» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 505 ط 1، قال:

و مضى إلى الحجاز بقتل عليّ سفيان بن أميّة بن أبي سفيان بن أميّة بن عبد شمس- و لا عقب له- فلمّا بلغت عائشة خبره أنشدت قول البارقي [معقر بن حمار]:

فألقت عصاها و استقرّت بها النوى كما قرّ عينا بالإياب المسافر أقول: و ذكر ابن منظور في مادّة «عص ء» من كتاب لسان العرب نسبة الأبيات إلى ثلاثة: و هم عبد ربّه السلمي و سليم بن ثمامة الحنفي و معقر بن حمار البارقي.

(95) و قريبا منه رواه ابن عساكر في ترجمة جرو النصراني

حجّار بن أبجر من كتاب تاريخ دمشق قال:

أنبأنا أبو البركات الأنماطي و أبو عبد اللّه الحسين بن ظفر بن الحسين بن مرداد قال: أنبأنا أبو الحسين الطيوري أنبأنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي أنبأنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن حيويه ابن أحمد بن خمة الخلّال أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة أنبأنا جدّي يعقوب أنبأنا ابن داوود-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:107

عن حجّار بن أبجر قال: جاء رجل إلى معاوية فقال: سرق ثوبي هذا فوجدته مع هذا. فقال [معاوية]:/ 246/ أ/ لو كان لهذا عليّ بن أبي طالب؟؟.

96- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد الرحمن بن صالح حدّثنا يونس بن بكير عن عنبسة بن الأزهر عن سماك بن حرب قال:

كان عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه يقول لعليّ بن أبي طالب عليه السلام عند ما يسأله من الأمر فيفرّجه عنه: لا أبقاني اللّه بعدك يا أبا الحسن «1».

97- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني مهدي بن حفص حدّثنا عبدة بن سليمان عن عبد الملك بن أبي سليمان قال:

قلت لعطاء: أ كان أحد من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه أفقه من عليّ عليه السلام! قال: لا و اللّه ما علمته «2».

98- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا أحمد بن حاتم الطويل حدّثنا محمد بن الحجّاج عن مجالد عن الشعبي:

______________________________

- ابن عمرو أنبأنا شريك عن سماك:

عن حجّار بن أبجر قال: كنت عند معاوية و اختصم إليه رجلان في ثوب فقال أحدهما: هذا ثوبي و أقام البيّنة، و قال الآخر: [الثوب] ثوبي اشتريته من رجل لا أعرفه.

فقال [معاوية]: لو كان لها ابن أبي

طالب!؟ [قال حجّار:] قلت: قد شهدته في مثلها. قال: كيف صنع؟ قلت: قضى بالثوب للذي أقام البيّنة و قال للآخر: أنت ضيّعت مالك.

(1) و موارد تفريج عليّ عليه السلام عن عمر و تنويه عمر بهذا الكلام أو نحوه كثيرة جدّا ينبغي أن يفرد بالتأليف.

(2) و هذا رواه أيضا أبو بكر ابن أبي شيبة في فضائل عليّ عليه السلام تحت الرقم: (12158) من كتاب المصنف: ج 12، ص 75 ط الهند قال:

حدّثنا عبدة بن سليمان عن عبد الملك بن أبي سليمان ...

و رواه بطريق آخر الحافظ ابن عساكر في الحديث: «1098» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 68 ط 2.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:108

عن قبيصة بن جابر قال: ما رأيت أزهد في الدنيا من عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

99- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا عليّ بن الجعد قال:

سمعت الحسن بن حيّ قال: تذاكروا زهّاد أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه عند عمر بن عبد العزيز فقال: بعضهم [أزهدهم] عمر. و قال بعضهم: فلان. فقال عمر بن عبد العزيز: [أزهدهم] عليّ عليه السلام «1».

100- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبو حفص الصّيرفي حدّثنا يحيى بن سعيد القطّان [قال]: حدّثنا عبد العزيز بن سياه قال:

حدّثني أبو راشد قال: أتيت عليّا عليه السلام في منزله بالكوفة فقلت: يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين فأجابنى يا لبّيكاه يا لبّيكاه «2».

101- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني أبو زيد النميري قال: حدّثني أبو غسّان محمد بن يحيى بن عليّ الكناني قال: حدّثني عبد العزيز بن عمران الزهري قال: قال محمّد بن علي عليه السلام ليزيد بن معاوية- و ذكر

يزيد عليّا عليه السلام-:

يا يزيد بن معاوية بن صخر! إنّ عليّا كان سهما من مرامي اللّه عزّ و جلّ على عدوّه، يهوّعهم «3» مآكلهم، آخذا بحناجرهم، يمنعهم ما كل السوء و يلح عنهم بشظف المعيشة «4»، حتى صار أصغر عند كبرائهم مرامه لكعاء «5»،

______________________________

(1) و رواه ابن عساكر عن طريق آخر في الحديث: «1269» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 252 ط 2.

(2) و الحديث رواه ابن سعد بزيادة في ذيله في ترجمة أبي راشد السلماني من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 239 طبع بيروت قال:

أخبرنا محمد بن عبيد قال: حدثني عبد العزيز بن سياه أبو يزيد عن أبي راشد السلماني قال ...

(3) رسم خطّ هذه الكلمة في أصلي غير واضح و يمكن أن يقرأ: «يموّعهم» أو «يهرعهم».

(4) وضع الكاتب بعد قوله (المعيشة) علامة و كتب فى الهامش: قال أبو بكر ... المعيشة.

(5) رسم الخطّ من أصلي خفيّ.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:109

فنبذوه بالعضيهة- يعني بقول «العضيهة» رموه بفرية الاباطيل «1»- فنحن على ثبج من امره، و مرأى من أثره، و مرقبا من أنجمه بجبهة «2» من الانصار و الاعوام خوفا من أن يكرّ لنا منكم دولة نبري عظامكم و نحسم أمركم. فإنّ المقاتل بادية، و الاستار عارية، و ليس لنا دون مقادير الحتوف حيلة، و سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

102- حدّثنا الحسين/ 246/ ب/ حدّثنا عبد اللّه حدّثنا إبراهيم بن بشار «3» حدّثنا نعيم بن مورّع حدّثنا هشام بن حسّان قال:

بينا نحن عند الحسن إذا أتاه رجل فقال: يا [أ] با سعيد إنّ الناس يزعمون أنّك تبغض عليّا عليه السلام؟ فقال [الحسن]: رحم اللّه عليّا، أنّ

عليّا كان سهما للّه عزّ و جلّ فى أعدائه و كان في محلّة العلم أشرفها و أقربها من رسول اللّه عليه و كان رهبانيّ هذه الأمّة لم يكن لمال اللّه عزّ و جلّ بالسروقة و لا في أمر اللّه عزّ و جلّ بالنومة اعطى القرآن عزائمه [فيما] عليه و له، فكان منه في رياض مونقة و أعلام بيّنة، ذلك عليّ يا لكع.

103- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني ابو عليّ أحمد بن الحسن الضرير حدّثنا هشام بن محمد عن الوليد بن وهب الحارثي:

عن بريد بن عمرو التميمي قال: لمّا توفّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام قام رجل من بني تميم- كان على حرسه في مسجد الكوفة بعد ما صلّوا عليه فقال:

رحمك اللّه يا أمير المؤمنين فلئن كان حياتك مفتاح خير و مغلاق شرّ- و كنت للناس علما منيرا يعرف به الهدى من الضلالة و الخير من الشّر- [ف] إنّ

______________________________

(1) لعلّ هذا هو الصواب و هاهنا رسم الخطّ من أصلي مبهم جدّا.

(2) و قبلها كلمة هذا رسمها (يتو).

(3) و رواه ابن عساكر بسند آخر- عن إبراهيم بن بشّار هذا- إلى آخر هاهنا في الحديث:

«1270» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 253 ط 2.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:110

وفاتك لمفتاح شرّ و مغلاق خير و إنّ فقدانك لحسرة و ندامة و لو أنّ الناس قبلوك بقبولك لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم و لكنّهم اختاروا الدنيا على الآخرة فأصبحوا بعدك حيارى في سبل المطالب قد غلب عليهم الشقاء و الداء العياء «1» فهم ينتقضونها كما ينتقض الحبل من برمه فتبّا لهم خلفا تقبّلوا سخفا و باعوا كثيرا بقليل

و جزيلا بيسير فكرّم اللّه مآبك و ضعّف ثوابك و عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته «2».

104- «104» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني عبد الرحمن بن صالح حدّثنا إبراهيم بن هراسة عن محمد بن سلمة النصيبي قال: قالت أمّ العريان حين قتل عليّ بن أبي طالب عليه السلام:

ألا عينيّ فاحتفلا سنيناو بكّينا أمير المؤمنينا

ألا يا خير من ركب المطاياو ذلّلها و من ركب السفينا

يقيم الحدّ لا يرتاب فيه و يقضي بالفرائض مستبينا

كأنّ الناس مذ فقدوا عليانعام جال في بلد سنينا

فلا تشمت معاوية بن حرب فإنّ بقيّة الخلفاء فينا

و كنّا قبل مقتله بخيرنرى مولى رسول اللّه فينا

______________________________

(1) و بالهامش: قال أبو بكر: العياء: الذي قد أعيا الأطباء.

(2) و قريبا منه روا اليعقوبي باختصار في آخر سيرة أمير المؤمنين من تاريخه: ج 2 ص 203 قال:

[لمّا دفن أمير المؤمنين عليه السلام] قام القعقاع بن [معبد بن] زرارة على قبره فقال: رضوان اللّه عليك يا أمير المؤمنين فو اللّه لقد كانت حياتك مفتاح خير و لو أنّ الناس قبلوك لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم و لكنّهم غمطوا النعمة و آثروا الدنيا على الآخرة.

أقول: ما بين المعقوفين الثانيين أخذناه من ترجمة القعقاع بن معبد بن زرارة التميمي الصحابي تحت الرقم:

«7128» من كتاب الإصابة: ج 3 ص 240.

(104) و رواه أيضا أبو عمر بن عبد البرّ- باختلاف طفيف في بعض الكلمات- و قال: قال أبو الأسود الدؤلي و [لكن] أكثرهم يرويها لأمّ الهيثم بنت العريان النخعيّة. هكذا ذكره في آخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الإستيعاب المطبوع بهامش كتاب الإصابة: ج 3 ص 66 ط مصر.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:111

105- «105» حدّثنا الحسين/

247/ أ/ حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني سليمان بن أبي شيخ قال: أنشدني محمد بن الحكم لأبي زبيد الطائي يرثي عليّا عليه السلام:

حمّت ليدخل جنّات أبو حسن «1»و أوقدت بعده للقاتل النار

ما ذا أراد بخير الناس كلّهم دينا و أهداهم للحقّ إن حاروا

يقول ما قال عن قول النبيّ فما يخالف الجهر منه فيه إسرار

تزوره أمّ كلثوم و نسوتهالا كالمزور و لا كالزّور زوّار

يبكين أروع ميمونا نقيبته يحمي الذمار إذا ما معشر جاروا 106- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا أحمد بن إبراهيم حدّثنا محمد بن ربيعة قال حدّثني أبو طلق القرشي قال: حدّثتني جدّتي قالت:

كنت أنوح أنا و أمّ كلثوم بنت عليّ على عليّ عليه السلام «2».

______________________________

(105) و الأبيات رواها محمد بن أبي بكر التلمساني في كتاب الجوهرة بشكل آخر ص 118 قال:

و قال أبو زبيد الطائي:

انّ الكرام على ما كان من خلق رهط امرئ ضاره للدين مختار

طبّ بصير بأضغان الرجال و لم يعدل بحبر رسول اللّه أحبار

و قطرة قطرت إذ حان موعدهاو كل شي ء له وقت و مقدار

حتى تنصلها في مسجد طهرعلى إمام هدى إن معشر جاروا

حمّت ليدخل جنات أبو حسن و أوجبت بعده للقاتل النار

(1) حمّت: حانت و قربت.

(2) و هذا رواه أيضا ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 38 قال:

أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي عن طلق الأعمى عن جدّته قالت: كنت أنوح أنا و أم كلثوم بنت عليّ على عليّ عليه السلام.

و رواه أيضا عن محمد بن ربيعة حرفيّا البلاذري في الحديث: «541» في آخر ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف: ج 2 ص 498 ط 1.

ثمّ إنّ مراثي أمير المؤمنين عليه السلام كثيرة جدّا و قد رثاه جمّ غفير

من الشعراء و فيهم الصحابة-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:112

______________________________

- و الأنصار و قد رثاه المؤمنون من يوم شهادته عليه السلام إلى يومنا هذا.

و قد رثاه أبو الأسود الدّؤلي رحمه اللّه كما في ترجمته من كتاب الأغاني: ج 11 ص 228 قال:

ألا أبلغ معاوية بن حرب فلا قرّت عيون الشامتينا

أ في شهر الصيام فجعتمونابخير الناس طرّا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطاياو خيّسها و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاهاو من قرأ المثاني و المئينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين رأيت البدر راق الناظرينا

لقد علمت قريش حيث حلّت بأنّك خيرها حسبا و دينا و قال أبو بكر ابن حمّاد- كما في آخر ترجمة أمير المؤمنين من كتاب الإستيعاب بهامش الإصابة:

ج 3 ص 65- قال:

و هزّ عليّ بالعراقين لحيةمصيبتها جلّت على كلّ مسلم

فقال: سيأتيها من اللّه حادث و يخضبها أشقى البريّة بالدم

فباكره بالسيف شلّت يمينه لشؤم قطام عند ذاك ابن ملجم

فيا ضربة من خاسر ضلّ سعيه تبوّأ منها مقعدا في جهنّم

ففاز أمير المؤمنين بحظّه و إن طرقت فيها الخطوب بمعظم

ألا إنّما الدنيا بلاء و فتنةحلاوتها شيبت بصاب و علقم و قد ردّ على الشقيّ جماعة آخرون منهم الفقيه الطبري قال:

يا ضربة من شقيّ ما أراد بهاإلّا ليهدم من ذي العرش بنيانا

إنّي لأذكره دوما فألعنه إيها و ألعن عمران بن حطّانا و قال محمد بن أحمد الطّيب:

يا ضربة من غدور صار صاحبهاأشقى البرّية عند اللّه إنسانا

إذا تفكّرت فيه ظلت ألعنه و ألعن الكلب عمران بن حطّانا و ليلاحظ كتاب الكامل للمبرّد: ج 3 ص 169، و الأغاني: ج 18، ص 111، و خزانة الأدب: ج 5 ص 350. و كتاب الغدير: ج 1، ص 326 ط بيروت.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:113

[الآية الإلهية التي حدثت في الآفاق عند شهادة أمير المؤمنين عليه السلام]

107- «107» حدّثنا

الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني القاسم بن خليفة الخزاعي حدّثنا أبو يحيى التيمي عن عمر بن عبد اللّه عن الزهري قال:

بعث إليّ عبد الملك بن مروان فقال لي: ما كان آية قتل عليّ عليه السلام صبيحة قتل؟ قلت: كان آية قتله صبيحة قتل أنّه لم يقلّب حجر بالجابية إلّا عن دم عبيط!!!

فقال [عبد الملك] لي: صدقت أما إنّه لم يبق أحد يعلم هذا غيري و غيرك «1».

______________________________

(107) و للحديث مصادر و أسانيد عديدة جدّا و قد رواه أبو نعيم الأصبهاني و جعله من أدلّة نبوّة النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم. في كتاب دلائل النبوّة.

و رواه أيضا البيهقي في كتابه دلائل النبوّة.

و رواه أيضا الحاكم في الحديث: «21» من باب مناقب عليّ من كتاب المستدرك: ج 3 ص 113.

و أيضا الحديث رواه الحمّوئي بسندين عن الحاكم في الباب: «70» في الحديث: «325» من كتاب فرائد السمطين: ج 1، ص 389 ط بيروت.

و قد كتبت الحديث عن مصادر أخر.

(1) و في الكلام تلميح إلى الزهري بالإمساك عن ذكر أمثال هذا كما يدلّ على ذلك ما رواه أبو نعيم الحافظ في فضائل عليّ عليه السلام من كتاب معرفة الصحابة الورق/ 16/ ب/ قال:

حدّثنا يعقوب بن سفيان حدّثنا سعيد بن عفير حدّثنا حفص بن عمران بن الوسام عن السري بن يحيى:

عن ابن شهاب قال: قدمت دمشق و أنا أريد الغزو فأتيت عبد الملك [بن مروان] لأسلّم عليه فوجدته في قبّة على فرش يفوق القائم و تحته سماطين فسلّمت عليه ثمّ جلست فقال لي: يا ابن شهاب-

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:114

108- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثني إبراهيم بن عبد اللّه قال: أخبرنا هشيم

قال: أخبرنا أبو معشر [نجيح بن عبد الرحمن] عن محمد بن عبد اللّه بن سعيد بن العاص:

عن الزهري قال: قال لي عبد الملك بن مروان: أيّ علامة كانت يوم قتل عليّ عليه السلام! قال: قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلّا وجد تحتها دم عبيط. فقال [عبد الملك]: إنّي و إيّاك في هذا الحديث لغريبان.

______________________________

- أ تعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل عليّ بن أبي طالب؟ فقلت: نعم قال: هلمّ. فقمت من وراء الناس حتّى أتيت خلف القبّة و حوّل إليّ وجهه فأحنى عليّ و قال: ما كان! فقلت: لم يرفع حجر من بيت المقدس إلّا وجد تحته دم؟ فقال لم يبق أحد يعلم هذا غيري و غيرك فلا يسمعنّ منك [هذا أحد].

قال [ابن شهاب]: فما حدّثت به [أحدا] حتّى توفّي [عبد الملك].

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:115

ولد عليّ بن أبي طالب عليه و عليهم السلام «1»

109- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: قال الزبير بن أبي بكر «2»- فيما أجازه لي و قال: اروه عنّي-: [قال]:

ولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام [هم]:

الحسن بن عليّ ولد للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة و سمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه حسنا.

و مات لثلاث خلون من شهر ربيع الأوّل سنة خمسين.

و الحسين بن عليّ عليه السلام ولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.

و قتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في [شهر] المحرّم سنة إحدى و ستّين.

قتله سنان بن أنس النخعي لعنه اللّه و أجهز عليه خولى بن يزيد

______________________________

(1) و ذكرهم أيضا البلاذري في الحديث: «233» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 189، ط 1.

و ذكرهم أيضا محمد بن سليمان الكوفي اليمني

المتوفّى بعد سنة: «300» في الحديث: «538» في أوائل الجزء الخامس من كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام الورق/ 124/ ب/.

(2) المتوفّى سنة: «256» بمكّة المكرّمة عن عمر بلغ «84» عاما حينما كان قاضيا عليها من جانب خلفاء العبّاسيين و على هذا فهو لم يدرك القصّة و لم يذكر أيضا من رواها له حتّى يلاحظ حاله فحديثه هذا مرسل مجهول الرواة.

ثمّ إنّ الرجل لم يعتمد عليه معاصروه مثل أحمد بن حنبل و البخاري و مسلم و ابن أبي داوود حيث لم يخرجوا عنه في أسفارهم شيئا.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:116

الأصبحي من حمير لعنه اللّه و حزّ رأسه.

و زينب ابنة عليّ الكبرى ولدت لعبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

و أمّ كلثوم الكبرى ولدت لعمر بن الخطّاب و لم يبق لعمر ولد من أمّ كلثوم بنت عليّ «1».

و أمّهم [جميعا] فاطمة/ 247/ أ/ بنت رسول اللّه صلى اللّه عليهما.

و محمد بن عليّ بن أبي طالب الذي يقال له: ابن الحنفيّة و أمّه خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبد اللّه بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة بن لجيم.

______________________________

(1) لا يتصوّر و لا يمكن لمثل عليّ عليه السلام- و هو أعدل الناس و أفضلهم و أشرفهم و أعقلهم و أزهدهم في الدنيا- أن يقدم اختيارا و بالطوع و الرغبة على تزويج كريمته- و هي في العاشرة من عمرها أو بين التاسعة و الثانية عشرة من عمرها- برجل معمّر رجله على شفير القبر إذ كلّ من يقدم على مثل هذا الأمر إمّا جاهل غبيّ أو ظالم شقيّ أو منحطّ الأصل و النسب يريد أن يتشرّف بمن يزوّجه كريمته أو له حاجة

في الدنيا أو له حرص عليها و من الواضحات الأوّلية أنّ عليّا عليه السلام كان منزّها عن جميع ذلك فلا يعقل أن يقدم على ذلك و يمشّيه اختيارا فإن كان هناك قسر و اضطرار ملجئ يتصوّر و يجوز تحقّق ذلك و لكن شواهد الاضطرار غير واضحة.

و ليراجع من يريد بسط الكلام و تحقيق المقام إلى ما أورده صاحب إفحام الخصوم في ج 1، منه ص 189.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:117

[استئذان عليّ من النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بأنّه إن رزق ولدا بعده يجمع له بين اسم النبيّ و كنيته]

110- «110» حدثنا الحسين حدثنا عبد اللّه حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهروي قال: أخبرنا الفضل بن موسى عن فطر عن منذر:

عن محمد بن عليّ عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله و سلم]: لا تجمعوا بين اسمي و كنيتي. فقلت: يا رسول اللّه إن ولد لي بعدك ولد أسمّيه باسمك و أكنّيه بكنيتك؟ قال: نعم. فولد له [ابن الحنفية] فسمّاه محمّدا و كنّاه أبا القاسم.

111- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه قال:

______________________________

(110) و للحديث مصادر و أسانيد و قد رواه أحمد بن حنبل في مسند عليّ عليه السلام تحت الرقم:

«730» من كتاب المسند: ج 1، ص 90 ط 1، و في ط 2 ج 2 ص 101.

و قد رواه أيضا عبد اللّه- أو تلميذه- كما في الحديث: «277» من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الفضائل ص 199، ط 1، قال:

حدّثنا عمر بن يوسف بن الضحّاك المخرمي في سنة خمس و ثمانين و مائتين قال: حدّثنا الحسين بن شدّاد المخرمي حدّثنا الحسن بن بشر حدّثنا قيس عن ليث عن محمد بن الأشعث:

عن محمد بن الحنفيّة عن عليّ بن أبي طالب قال: قال

رسول اللّه صلى اللّه عليه [و آله] و سلم: يولد لك ابن قد نحلته اسمي و كنيتى.

و قد أورده أيضا الدولابي بإسنادين في عنوان: «الرخصة في الجمع بين اسم النبي و كنيته» من كتاب الكنى و الأسماء: ج 1، ص 5.

و قد رواه أيضا البزّار في مسنده: ج 1، الورقة 58/ أ/ و فيه «محمد بن بشر عن ابن الحنفيّة».

و قد رواه السيوطي في كتاب جمع الجوامع: ج 1، ص 882 ط 1، عن ابن سعد و الطبراني في المعجم الكبير و الأوسط و عن الطحاوي و أحمد و أبي يعلى و البيهقي و ابن عساكر.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:118

أخبرنا هشيم قال: أخبرنا مغيرة عن إبراهيم قال:

كان محمد ابن الحنفيّة يكنّى أبا القاسم و كان محمد بن الأشعث [بن قيس] يكنّى [أيضا] أبا القاسم و كان يدخل على عائشة قال: و أحسبها كانت تكنّيه.

112- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا داوود بن عمرو حدّثنا إسماعيل بن زكريّا عن يزيد- يعني ابن أبي زياد- قال:

قلت لمحمد بن الحنفيّة: متى ولدت؟ قال: لثلاث سنين بقين من خلافة عمر رضي اللّه عنه.

113- «113» حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا محمد بن سعد قال:

أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا علي بن عمر بن علي بن حسين عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل قال:

سمعت [محمّد] ابن الحنفية يقول سنة الجحاف- حين دخلت إحدى و ثمانون-: هذه لي ستّ و ستّون سنة قد جاوزت سنّ أبي. قال: قلت: و كم كانت سنّه يوم قتل؟ قال: ثلاث و ستّون. [قال عبد اللّه]: و مات أبو القاسم محمد ابن الحنفية في تلك السنة.

______________________________

(113) و هذا رواه الخطيب عن ابن بشران عن

الحسين بن صفوان عن ابن أبي الدنيا ... في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ بغداد: ج 1، ص 136.

و رواه ابن سعد في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى: ج 3 ص 38 ط بيروت.

و رواه ابن عساكر بسنده عن ابن سعد في الحديث: «1468» من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 388.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:119

رجع [القول] إلى حديث الزبير

و عمر بن عليّ و رقيّة الكبرى و هما توأم «1» و أمّهما الصهباء. و يقال: اسمها أمّ حبيب بنت ربيعة من بني تغلب من سبي خالد بن الوليد.

114- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: قال الزبير: و حدّثني عمّي قال:

كان عمر بن عليّ آخر ولد عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه و وفد على الوليد بن عبد الملك مع أبان بن عثمان يسأله أن يولّيه صدقة أبيه عليّ و كان يليها يومئذ ابن أخيه حسن بن حسن بن عليّ فعرض عليه الوليد الصلة و قضاء الدين فقال لا حاجة لي في ذلك إنّما جئت لصدقة أبي أنا أولى بها فاكتب لي في ولايتها.

فكتب له الوليد رقعة فيها أبيات جميع بن أبي الحقيق اليهودي:

إنّا إذا مالت دواعي الهوى و أنصت السامع للقائل

و اصطرع الناس بألبابهم نقضي بحكم عادل فاصل

لا نجعل/ 248/ أ/ الباطل حقّا و لانلطّ دون الحقّ بالباطل

نخاف أن تسفه أحلامناأو نخمل الدهر مع الخامل ثمّ دفع الرقعة إلى أبان فقال: ادفعها إليه و أعلمه أنّي لا أدخل [أحدا] على ولد فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليهما.

______________________________

(1) التوأم- بفتح التاء و ضمّها فسكون الواو فهمزة مفتوحة-: الذي يولد مع غيره في بطن واحد و المؤنّث: توأمة.

مقتل

علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:120

فانصرف عمر [عنه] غضبان و لم يقبل له صلة.

115- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال: قال الزبير: و حدّثني محمد بن سلام قال:

قلت لعيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب: كيف سمّى عليّ جدّك عمر؟ قال: سألت عن ذلك أبي فأخبرني عن أبيه عن عمر بن عليّ قال: ولدت لأبي بعد ما استخلف عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه فقال له: يا أمير المؤمنين! ولد لي الليلة غلام.

قال: هبه لي قال: فقلت: هو لك. قال: قد سمّيته عمر و نحلته غلامي مورق.

قال [الزبير]: فله الآن ولد كثير ب «ينبع».

و العبّاس الأكبر بن عليّ [عليهما السلام].

116- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال، قال الزبير: قال عمّي: و ولده يسمّونه السّقاء و يكنّونه أبا قربة، شهد مع الحسين عليه السلام كربلاء فعطش الحسين فأخذ قربة و اتّبعه إخوته لأمّه بنو عليّ و هم عثمان و جعفر و عبد اللّه فقتل اخوته قبله- لا عقب لإخوته- و جاء بالقربة فحملها إلى الحسين عليه السلام مملوءة فشرب منها الحسين ثمّ قتل العبّاس بن عليّ بعد اخوته مع الحسين صلوات اللّه عليهم فورث العبّاس اخوته و لم يكن لهم ولد.

و ورث العباس ابنه عبيد اللّه بن العباس و كان محمد بن عليّ ابن الحنفية و عمر بن عليّ حيّين فسلّم محمد لعبيد اللّه بن العبّاس ميراث عمومته و امتنع عمر حتّى صولح و أرضي عن حقّه.

و أمّ العباس و اخوته هؤلاء [هي] أمّ البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كلاب بن ربيعة.

و عبيد اللّه و أبا بكر ابني عليّ لا بقيّة لهما كان عبيد اللّه بن

عليّ قدم على المختار [فلم يلتفت إليه] فقتل عبيد اللّه مع مصعب بن الزبير كان مصعب

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:121

ضمّه إليه و لم ير عند المختار ما يحبّه.

و أمّ عبيد اللّه و أبي بكر ابني عليّ عليهم السلام ليلى ابنة مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلم بن جندل بن نهشل بن دارم.

و اخوة عبيد اللّه و أبي بكر ابني عليّ لأمّهما صالح و أمّ أبيها و أمّ محمد بنو عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب خلّف عليها عبد اللّه بن جعفر بعد عليّ جمع بين ابنته و زوجته.

و يحيى بن عليّ لا عقب له توفّي صغيرا قبل أبيه و أمّ يحيى/ 248/ ب/ أسماء ابنة عميس الخثعميّة و اخوته لأمّه عبد اللّه و محمد و عون بنو جعفر بن أبي طالب و محمد بن أبي بكر الصدّيق رضوان اللّه عليهم.

117- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا خالد بن خداش حدّثنا حمّاد بن زيد عن أيّوب عن محمد [قال]:

إنّ أسماء ولدت لجعفر محمدا و لأبي بكر محمدا و لعليّ محمدا.

118- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه حدّثنا محمد بن سلام الجمحي قال: سمعت عبّاد بن مسلم يحدّث عن قتادة قال:

استبق بنو أسماء الثلاثة ابن جعفر و ابن أبي بكر و ابن عليّ فسبق الأكبران: ابن جعفر و ابن أبي بكر ابن عليّ فقالت أسماء: لئن سبقاك ما سبق آباؤهما أباك.

قال: ثمّ أخذ قتادة يقول: لم يكن عليّ رضي اللّه عنه مثلهما. و عنده رجل من أهل الكوفة فقال: يا عمّ حدّثنا بما سمعت و دعنا من رأيك.

و محمد الأصغر بن عليّ- درج «1» [و هو] لأمّ ولد.

و أمّ الحسين و رملة ابنتا

عليّ و أمّهما أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود بن معتب الثقفي.

119- حدّثنا الحسين حدّثنا عبد اللّه قال الزبير: قال عمّي: و اخوتهما

______________________________

(1) درج- على زنة نصر و ضرب و بابهما-: مات و انقرض.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:122

لأمّهما بنو يزيد بن عنبة بن أبي سفيان بن حرب بن أميّة.

و قال غير عمّي: [و] أختهما لأمّهما بنت لعنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أميّة.

و لأمّ الحسين بنت عليّ حسن و عليّ و حبيب بنو جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم كان خلّف عليها ثمّ خلّف عليها بعده جعفر بن عقيل بن أبي طالب فلم تلد له.

و كانت رملة بنت عليّ عند أبي الهياج و اسمه عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب فولدت منه عبد الكريم و أخا له- هلكا- و أختا له كانت عند عاصم بن عمر بن الخطاب و قد انقرض ولد أبي سفيان بن الحارث.

ثمّ خلف عليها معاوية بن مروان بن الحكم بن أبي العاص.

و زينب الصغرى و أمّ هانئ و أمّ الكرام و أم جعفر و اسمها الجمانة و أم سلمة و ميمونة و خديجة و فاطمة و أمامة بنات عليّ لأمّهات أولاد.

و كانت رقيّة الكبرى بنت عليّ عند مسلم بن عقيل فولدت له عبد اللّه قتل بالطف و عليّ و محمد ابني مسلم بن عقيل و قد انقرض ولد مسلم بن عقيل.

و كانت زينب الصغرى بنت عليّ عند محمد بن عقيل بن أبي طالب فولدت له عبد اللّه- الذي يحدّث عنه- و فيه العقب من ولد عقيل.

و [أيضا ولدت لمحمد بن عقيل] عبد الرحمن و القاسم ابني محمد.

ثمّ

خلف عليها كثير بن العبّاس فولدت له كلثم تزوّجها جعفر بن تمام بن العباس و قد ولد/ 249/ أ/ كثير و تمام ابني العبّاس بن عبد المطّلب.

و كانت أمّ هانئ بنت عليّ عند عبد اللّه الأكبر بن عقيل فولدت له محمدا قتل بالطف «1».

و [أيضا ولدت له] عبد الرحمن و مسلم و أم كلثوم.

______________________________

(1) بعد كلمة «بالطف» في أصلي بياض قليل جدّا و الظاهر من السياق عدم سقوط شي ء.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:123

و كانت ميمونة بنت عليّ عند عبد اللّه الأكبر بن عقيل فولدت له عقيلا.

و كانت أمّ كلثوم الصغرى- و اسمها: نفيسة- عند عبد اللّه الأكبر ابن عقيل [كذا] فولدت له أمّ عقيل.

ثمّ خلف عليها كثير بن العبّاس بعد زينب الصغرى فولدت له الحسن.

ثمّ خلف عليها تمام بن العبّاس فولدت له نفيسة تزوّجها عبد اللّه بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.

و كانت خديجة بنت عليّ عند عبد الرحمن بن عقيل فولدت له سعيدا و عقيلا.

ثمّ خلف عليها أبو السنابل عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس.

و كانت فاطمة ابنة عليّ عند أبي سعيد بن عقيل فولدت له حميدة، ثم خلف سعيد بن الأسود بن أبي البختري فولدت له برة و خالدة.

ثمّ خلف عليها المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام فولدت له عثمان و كثيرة درجا.

و كانت أمامة بنت عليّ عند الصلت بن عبد اللّه بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب فولدت له نفيسة و توفّيت عنده.

فهؤلاء ولد عليّ بن ابي طالب [هذا] آخر كتاب مقتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام «1»

______________________________

(1) و كان بعد هذا في

المجموعة حديثان أجنبيّان عن مطالب الكتاب ثمّ ذكر ولد عليّ عليهم السلام باختصار ثمّ بلاغ و سماع للكتاب ثمّ كتاب التوكّل على اللّه للمصنّف، و هذا نصّ البلاغ و السماع:

بلغت بقراءتي و الحسين بن احمد بن محمد بن عمر الأنصاري و محمد بن أحمد الشيرازي الخلادي و ذلك يوم الأحد لسبع خلون من جمادى الأولى من سنة ثمان و ثلاثين و أربع مائة.

سمع جميعه من الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد بن القاسم سلّمه اللّه [المعروف بابن الطيوري] أبو بكر عبد الملك بن أحمد الأنكيكزي سنة أربع و ستّين و أربع مائة.

مقتل علي(ع)، ابن أبي الدنيا ،ص:125

الفهرس

الموضوع الصفحة ذكر سبب شهادة الإمام أمير المؤمنين (ع) 19

مؤامرة ابن ملجم لاغتيال أمير المؤمنين (ع) 25

وصيّة أمير المؤمنين (ع) 45

موت أمير المؤمنين (ع) 59

سنّ عليّ بن أبي طالب (ع) 63

صفة عليّ بن ابي طالب (ع) 67

تبشير رسول اللّه (ص) عليا بالجنة 69

حسن وجهه و قامته الميمونة 71

غسل عليّ و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه 73

موضع دفن عليّ (ع) 79

أمر ابن ملجم و قتله 83

ندب عليّ و مراثيه 99

اعتراف مناوئي علي بتفوّقه عليهم 105

الآية الإلهية التي حدثت عند شهادته (ع) 113

ولد عليّ بن أبي طالب (ع) 115

استئذان عليّ من النبيّ إن رزق ولدا يجمع له بين اسمه و كنيته 117

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.